Untitled Document

عدد المشاهدات : 1388

الحلقة (43) من "تدبر القرآن العظيم" تدبر الآية (49) من سورة البقرة قول الله تعالى (وَإِذْ نَجَّيْنَـٰكُم مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوٓءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ ۚ وَفِى ذَ‌ &#

 تدبر القُرْآن العَظِيم

الحلقة الثالثة والأربعون
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 تدبر الآية (49) من سورة البقرة

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 (وَإِذْ نَجَّيْنَـٰكُم مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوٓءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ ۚ وَفِى ذَ‌ ٰلِكُم بَلَآءٌۭ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيم)

 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

  

تحدثنا في لقاء السابق عن قول الله تعالى (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَوَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُون)  
ثم قال الله تعالى (وَإِذْ نَجَّيْنَـٰكُم مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوٓءَ ٱلْعَذَابِ) فكأن قول الله تعالى (وَإِذْ نَجَّيْنَـٰكُم مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ) عطف على قوله تعالى:  (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) . فكأن الله تعالى يقول: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ التى أنعمت عليكم إذ نجيناكم من آل فرعون
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 ومعنى (إِذْ نَجَّيْنَـٰكُم): أي أنقذناكم وخلصناكم

وكلمة (نَجَّيْنَـٰكُم) من "النجوة" وهي المرتفع من الأرض، لأن الذي يرتفع من الأرض يتخلص من الهلاك بسبب سيل ماء أو نحوه
والسؤال: هل الله تعالى أنقذهم أم أنقذ أجداهم ؟ لأن الفترة الزمنية بين موسى –عليه السلام- وبين الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر من ألفين سنة، والخطاب لبنى اسرائيل في زمن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكل بنى اسرائيل الى يوم القيامة
الإجابة: لو لم ينقذ الله تعالى أجداهم لكانوا حتى نزول القرآن لايزالون عبيد عند المصريين، اذن انقاذ الله تعالى لأجدادهم هو انقاذ لهم ولأبنائهم وأحفادهم وذريتهم
وذلك مثل قوله تعالى (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ)
فالله تعالى يمتن علينا في انقاذنا بأن حملنا في سفينة نوح، وهو تعالى لم يحملنا مباشرة ولكنه حمل نوح ومن معه من المؤمنين
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 فرعون هو لقب سياسي لكل من يحكم مصر، كما كان قيصر هو لقب كل من يحكم الروم، وكسري هو لقب كل من يحكم الفرس، و"تبع" لقب من يحكم اليمن، و"النجاشي" لقب كل من يحكم الحبشة، و"خاقان" لمن يحكم تركيا، و"بطليموس" لكل من حكم الهند

ومعنى (ءَالِ فِرْعَوْنَ) يعنى وزراءه وحاشيته وجنوده وأتباعه من المصريين، لأن القرآن العظيم ذكر أن المصريين كانوا يطيعون فرعون، يقول تعالى (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ)
وهنا قال تعالى (ءَالِ فِرْعَوْنَ) ولم يقل (وَإِذْ نَجَّيْنَـٰكُم مِّنْ فِرْعَوْنَ) لأن خطورة الطاغية ليست من شخصه، ولكن خطورته من حاشيته وأعوانه، الذين يعينونه على الظلم، ويزينون له الظلم، كما يقول المثل الشعبي المصري "يا فرعون ايش فرعنك، قال ملقتش حد يلمنى"
 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

  (يَسُومُونَكُمْ) يذيقونكم

يقال "سام فلان خصمه" أي أذله وأعنته وأرهقه
و(يَسُومُونَكُمْ) جائت من كلمة "سام الماشية" أي تركها ترعي، ولذلك يطلق عليها "السائمة" أي المتروكة للرعي
فقوله (يَسُومُونَكُمْ) يعنى جعلوكم في عذاب دائم، كما تداوم الغنم على الرعي، فكأن غذائهم وكل حياتهم وكل حركة حياتهم ذل وعذاب
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

  (سُوٓءَ ٱلْعَذَابِ) العذاب كله سيء، و (سُوٓءَ ٱلْعَذَابِ) يعنى أسوأ العذاب وأشد العذاب

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

  (يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ) 

روي أن الكهنة جائوا فرعون وقالوا له يولد هذا العام مولود يكون هلاكك وضياع ملكك على يديه، فأمر بقتل كل مولود ذكر في ذلك العام
وقيل أن ذلك كان بسبب رؤيا رآها، أن نارًا أقبلت من بيت المقدس وأحرقت كل المصريين، ولم تحرق "بنى اسرائيل" بمصر، فجمع الكهنة وقص عليهم الرؤيا فقالوا له أن مولودًا سيولد من بنى اسرائيل سيكون ضياع ملكك على يديه
فأمر فرعون بقتل كل مولود ذكر، حتى قيل أنه قتل تسعين ألف طفل، وقد أشار القرآن الى كثرة الذبح، حين جاء بالفعل (يُذَبِّحُونَ) مشددًا، للإشارة الى كثرة من ذبحوا
وهذا من غباء فرعون، لأن هذه النبوءة اما ان يصدقها أو لا يصدقها،
فان صدقها فانها ستقع حتى لو قتل كل مولود ذكر
وان لم يصدقها فلماذا يقتلهم ؟
ويدل أيضًا على القسوة الشديدة، لأن المجرم مهما بلغت قسوته فانه يتورع عن قتل الطفل، فاذا أقدم على قتل الأطفال فهذا يدل على شدة قسوته
فكل هذا من صفات الظالمين: الغباء والقسوة الشديدة
ويدل أيضًا على شدة هوان بنى اسرائيل على المصريين
وقيل أن السبب –وربما هذا هو الأقرب للتصديق- أن أعداد بنى اسرائيل كانت قد كثرت في مصر منذ دخول "يعقوب" عليه السلام الى مصر في وقت "يوسف" عليه السلام، وحتى زمن فرعون، وهو أربعمائة عام، حتى قيل أن أعداد الرجال بين العشرون والستون، وهم المقاتلون قد وصل الى ستمائة ألف مقاتل، هذا غير الأطفال والنساء والشيوخ، فأقلق ذلك فرعون وخشي أن ينقلبوا عليه، أو أن يعينوا أعدائه عليه اذا حدث غزو للبلاد، ففكر في قتل كل مولود ذكر حتى تقل أعداد رجالهم، ثم خشيى أن يؤدي ذلك الى فنائهم، ومن ثم ضياع الأيدي العاملة المجانية، لأنهم كانوا يستعبدوهم ويستخدموهم في الأعمال، فقرر أن يبقي على كل مولود ذكر عام، ويذبح كل مولود ذكر منهم العام التالى، وهكذا يبقي عليهم ويضعفهم في نفس الوقت، فولد "هارون" في العام الذي لايذبح فيه، وولد "موسى" في العام الذي يذبح فيه
 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

  (وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ) يعنى يتركوا النساء أحياء 

وهنا قال تعالى (يَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ) ولم يقل "يَسْتَحْيُونَ بناتكم" مع أن المقابل أن يقول تعالى "يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ بناتكم"
وهذه اشارة الى أن المصريين كانوا يتركون البنات، حتى يبلغن مبلغ النساء، ثم يتخذونهن اماء وسراري يستمتعون بهن
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 (وَفِى ذَ‌ ٰلِكُم بَلَآءٌۭ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيم)

البلاء هو الإختبار والإمتحان، وهذا الإختبار والإمتحان في الخير والشر، كما قال عز وجل (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) 
لذلك فكلمة "البلاء" لا تخيف، الذي يخيف هو نتيجة البلاء
ولذلك فقوله تعالى (وَفِى ذَ‌ ٰلِكُم بَلَآءٌۭ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيم) المقصود به أمرين
البلاء في العذاب الذي ذكره الله تعالى بقتل الأبناء الذكور، وترك البنات للإستمتاع بهن
والبلاء في نعمة انجائهم من هذا العذاب
اذن البلاء كان في العذاب، وفي نعمة النجاة من العذاب
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 أما سبب كراهية المصريين واضطهادهم لبنى اسرائيل، أن "يعقوب" عليه السلام وبنيه أي "بنى اسرائيل" قد دخلوا مصر أيام يوسف –عليه السلام- في عهد الهكسوس، ولذلك في قصة "يوسف" عليه السلام، سمى الله تعالى حاكم مصر بالملك 

(وقال الملك إني أرى سبع بقراتٍ سمان ... ) يوسف 43
(وقال الملك إئتوني به ؛ فلما جاءه الرسول ... ) يوسف50
(وقال الملك إئتوني به أستخلصه لنفسي ... ) يوسف 54
(ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله ... ) يوسف 76 
وهذا من اعجاز القرآن العظيم، لأنه تعالى ذكر حكام مصر القدماء باسم الفراعنة، فقال تعالى في سورة الفجر (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11)
ثم سمي الله تعالى المتأخرون من حكام مصر في عصر موسي بالفراعنة، ولكنه عندما تكلم عن حاكم مصر في عصر "يوسف" قال الملك
لأن الذي كان يحكم مصر في وقت يوسف لم يكونوا الفراعنة، وانما كانوا الهكسوس، وهؤلاء لم يسموا أنفسهم بالفراعنة، وانما كانوا ملوكًا
وهكذا سمى الله تعالى كل حاكم بلقبه الذي كان ينادي به، وهذا كان من اعجاز القرآن لأننا لم نكتشف موضوع الهكسوس هذا الا بعد اكتشاف حجر رشيد، وفك رموز اللغة الهيروغلوفية منذ مائتين عام 
والهكسوس عرب جاءوا من فلسطين وسيناء وتوجهوا إلى مصر وتغلبوا على الفراعنة في فترة ضعف في نهاية حكم الأسرة الرابعة عشر، والسبب انهم كانوا متفوقين على المصريين في صناعة الحديد، ولذلك كانوا يمتلكون أسلحة متفوقة، والأخطر صناعة العربة التي يجرها الحصان وهي تساوي في وقتنا الحاضر الدبابة ، فكانت هذه العربية تحمل رجلان مقاتلان أو أكثر، يتفرغ أحدهم لقيادة الحصان تمامًا رغم كونه مقاتل ويتفرغ الثاني للقتال، وبهذه الطريقة إستطاعوا هزيمة الفراعنة والتغلب عليهم .
وظل الهكسوس يحكمون مصر ثلاثمائة سنة، وكونوا اسر حاكمة
هكذا دخل "بنى اسرائيل" وهم "يعقوب" عليه السلام وأبناءه مصر في عهد الهكسوس
وعندما دخل "بنى اسرائيل" الى مصر كانت لهم مكانة رفيعة في الدولة المصرية، لأنهم أولًا من منطقة الشام، والهكسوس من الشام، ولأن منهم يوسف النبي والرجل الثاني والأقوي في الدولة
وفي ذلك الوقت كان الهكسوس يحكمون الدلتا ومنتصف مصر، وعاصمتهم في شرق الدلتا واسمها "زوان" ، بينما كان الفراعنة يحكمون صعيد مصر والنوبة، وعاصمتهم "طيبة" وهي الأقصر الآن
وظل "بنى اسرائيل" في هذه المكانة الممتازة في مصر طوال حكم الهكسوس مصر، والتى استمرت الى ثلاثمائة عام
وبعد ثلاثمائة عام وبعد سلسلة من الحروب بدأت منذ الملك "سقنن رع" والذي توجد مومياه في المتحف المصري بالقاهرة، ثم ابنه الأكبر "كاموس" والذي تولى الحكم خمسة سنوات فقط، ثم ابنه الأصغر "أحمس الأول" والذي تولى الحكم وعمره عشرة سنوات، واستطاع تطوير العربات الحربية، ونجح في الإنتصار على الهكسوس وعمره 19 عام فقط، وطاردهم حتي وصل الى فلسطين فحاصرهم وشتت شملهم ولم تقم لهم في التاريخ قائمة بعد ذلك 
بعد طرد الهكسوس صب المصريين جام غضبهم على "بنى اسرائيل" لأنهم كانوا حلفاء للهكسوس، فاضطهدوهم وعذبوهم واستعبدوهم
ولذلك تاريخ بني إسرائيل في مصر ينقسم إلى قسمين أو عهدين
العهد الأول: في كنف الهكسوس؛ منذ دخول يعقوب وبنيه الى مصر، حتى هزيمة الهكسوس وخروجهم من مصر، وقد كانوا في هذا العهد في قمة الطمأنينة والحظوة .
العهد الثاني: في كنف الفراعنة ؛ منذ هزيمة الهكسوس وانسحابهم من مصر حتى خروج بنى اسرائيل من مصر في عهد موسى –عليه السلام- وكانوا في ذلك العهد في قمة الإضطهاد والعذاب
 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 الحقيقة أن تحالف "بنى اسرائيل" مع الهكسوس أمر يمكن أن نلتمس لهم فيه العذر، لأسباب:

- أن "بنى اسرائيل" دخلوا مصر، والهكسوس يحكمون مصر منذ عشرات السنين، ولذلك فقد كان حكم الهكسوس لمصر بالنسبة لبنى اسرائيل أمرًا واقعًا، وليس شيئًا طارئًا، فمن الطبيعي ان يكون ولائهم للحاكم
- أن "الهكسوس" كان فيهم حكام عادلين، وليسوا كما يصور أغلب المؤرخين أن عهدهم كان عهد سلب ونهب، بدليل قصة يوسف، (قال ما خطبكم اذ راودتن يوسف عن نفسه) وتم في عهد الهكسوس انقاذ مصر والمنطقة من المجاعة
- أن "بنى اسرائيل" من الشام، والهكسوس من الشام، فمن الطبيعي ان يكون ولائهم للهكسوس
- أن "بنى اسرائيل" كانت لهم مكانة كبيرة عند الهكسوس في الدولة، منذ أن كان يوسف –عليه السلام- الرجل الثاني في الدولة، فمن الطبيعي أن يكون ولائهم للدولة التى تعطيهم هذه المكانة
- الأهم من كل ذلك أن عدد كبير من المصريين في الدلتا وشمال مصر، والذين كانوا تحت حكم الهكسوس، كان ولائهم للهكسوس، باعتبارهم هم الحكام، وهم الجانب الأقوي، وباعتبار الفترة الطويلة جدًا التى قضوها في حكم مصر، حتى أن "أحمس الأول" كان يقاتل في حربه "الهكسوس" والمصريين الموالين لهم في نفس الوقت
- وعندما انتصر "أحمس الأول" على الهكسوس، لم يكن من السهل على "أحمس الأول" تمييز المصريين الموالين للهكسوس حتى ينتقم منهم أو يعاقبهم، وربما لم يكن يريد الإنتقام منهم، باعتبار انهم مصريين، أو أنه يريد فتح صفحة جديدة
أما بالنسبة لبنى اسرائيل، فقد كان من السهل تميزهم، ولا أحد منهم يمكن أن ينكر ولائه القديم للهكسوس، وقد كانت هناك رغبة شديدة ومجنونة من المصريين في الإنتقام من الهكسوس والتنكيل بهم، بسبب سنوات الإحتلال الطويلة، وبسبب سلسلة الحروب الطويلة في السنوات الأخيرة لحكم الهكسوس، ولذلك صب "أحمس الأول" وتبعه بعد ذلك كل الملوك الفراعنة، جام غضبهم على "بنى اسرائيل"
هذا الكلام هام جدًا، وليس الأمر دفاعًا عن "بنى اسرائيل" ولكن لأن البعض يلتمس العذر لفرعون –لعنه الله- في اضطهاده لبنى اسرائيل، ويدافع عنه، وهذا أمر لا يجوز على الإطلاق
 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 من هو فرعون موسى ؟

هناك صعوبة في تحديد فرعون موسى، لأن القرآن الكريم لم يذكر اسمه، والتوراة لم تذكر اسم فرعون، والكتابات المصرية القديمة ليس فيها أي اشارة لموسي –عليه السلام- لأن النقوش والكتابات المصرية كانت تهتم بتمجيد انتصارات الفراعنة، وكانت المواجهة مع موسى هزيمة قاسية للمصريين، ولذلك أغفلت الكتابات المصرية هذه الأحداث على أهميتها 
ولذلك اعتمد الباحثون على المقارنة بين تاريخ ولادة موسى، وبين التاريخ المصري القديم
فموسى ولد تقريبًا سنة 1525 ق. م فيبحث العلماء عن حاكم مصر في هذا التاريخ
وهناك الكثير من النظريات في تحديد اسم فرعون موسى
والبعض قال أنهما فرعونين وليس فرعون واحد، فهناك فرعون الإضطهاد، الذي اضطهد بنى اسرائيل، فقتل أبنائهم واستحيا نسائهم، وهناك فرعون الخروج الذي خرج بنى اسرائيل في عهده من مصر، وغرق في البحر، وقيل أنهم ثلاثة فراعنة
وعدم ذكر القرآن لإسم فرعون أمر مقصود، لأن القرآن ليس كتاب تاريخ، وحتى يكون فرعون هو رمز لكل حاكم ظالم
وبالفعل نحن الآن اذا كان هناك ظالم نقول عنه انه فرعون، ونقول على فلان "تفرعن" اذا علا وتجبر
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇