Untitled Document

عدد المشاهدات : 160

الحلقة (547) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم تفسير وتدبر الآيات من (26) الى ( (30من سورة "يُونُس"- (لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ ….

الحلقة رقم (547)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
تفسير وتدبر الآيات من (26) الى  (30) من سورة "يُونُس"- ص 212
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(۞ لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَر وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴿٢٦﴾ وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّ‍َٔاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةِۢ بِمِثۡلِهَا وَتَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ مَّا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۖ كَأَنَّمَآ أُغۡشِيَتۡ وُجُوهُهُمۡ قِطَعٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مُظۡلِمًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴿٢٧﴾ وَيَوۡمَ نَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ مَكَانَكُمۡ أَنتُمۡ وَشُرَكَآؤُكُمۡۚ فَزَيَّلۡنَا بَيۡنَهُمۡۖ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمۡ إِيَّانَا تَعۡبُدُونَ ﴿٢٨﴾ فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ إِن كُنَّا عَنۡ عِبَادَتِكُمۡ لَغَٰفِلِينَ ﴿٢٩﴾ هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ ﴿٣٠﴾

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(۞ لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَر وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴿٢٦﴾

(لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ) يعنى لِّلَّذِينَ قدموا الأعمال الصالحة في الدنيا 
(ٱلۡحُسۡنَىٰ) ٱلۡحُسۡنَىٰ هي الجنة، وٱلۡحُسۡنَىٰ بمعنى الأحسن من أعمالهم، لأن الحسنة بعشر أمثالها.
(وَزِيَادَة) والزِيَادَة هي النظر الى وجه الله تعالى.
كما قال تعالى:
(وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
روي مسلم في صحيحه والترمذي عن صهيب عن النبي في قوله تعالي: (لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَة) قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد: إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه، قالوا: ألم تبيض وجوهنا وتنجنا من النار وتدخلنا الجنة، قال: فيُكشف الحجاب، فيتجلى لهم، قال ﷺ: فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر إليه.
وفي رواية: فيصغر عندهم كل شيء أعطوه.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول أَبُو تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيُّ -من التابعين-: سمعت أبا موسى الأشعري يخطب على منبر البصرة ويقول: إن الله يبعث يوم القيامة مَلَكًا إلى أهل الجنة فيقول: "يا أهل الجنة، هل أنجزكم الله ما وعدكم"؟ فينظرون، فيرون الحليّ والحُلل والثمار والأنهار والأزواجَ المطهَّرة، فيقولون: "نعم، قد أنجزنا الله ما وعدنا" ثم يقول الملك: "هل أنجزكم الله ما وعدكم "؟ ثلاث مرات، فيقولون: "نعم" فيقول: "قد بقي لكم شيءٌ، إن الله يقول: (لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَة) ألا إن الحسنى الجنة، والزيادة النظرُ إلى وجه الله ".
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَر وَلَا ذِلَّةٌ) 
الرَهَق هو التغطية.
والقَتَر هو الغبار والدخان الأسود.
والذِلَّةٌ هي: الهوان والصغار.
فالمعنى أن أهل الجنة لا يغطي وجوههم الكأبة والذلة مثل الكفار والعصاة  
يقول تعالى في سورة القيامة:
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ)
يعنى لا يخرجون منها ولا يموتون فيها.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّ‍َٔاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةِۢ بِمِثۡلِهَا وَتَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ مَّا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۖ كَأَنَّمَآ أُغۡشِيَتۡ وُجُوهُهُمۡ قِطَعٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مُظۡلِمًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴿٢٧﴾
(وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّ‍َٔاتِ) يعنى ارتكبوا ٱلسَّيِّ‍َٔاتِ في الدنيا. 
(جَزَآءُ سَيِّئَةِۢ بِمِثۡلِهَا) يعنى الله -تعالى- من رحمته يجازي السيئة بمثلها، فلا يضاعف السيئة كما يضاعف الحسنة.
(وَتَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّة) قلنا إن الرهق هو التغطية.
والمعنى: وتغشاهم وتغطيهم ذلة ومهانة.

(مَّا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِم) ليس هناك أحد يعصمهم أو يحميهم من عذاب الله.  
(كَأَنَّمَآ أُغۡشِيَتۡ وُجُوهُهُمۡ قِطَعا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مُظۡلِمًا) 
كَأَنَّمَآ غطيت وُجُوهُهُمۡ بقِطَعا مِّنَ ظلام ٱلَّليۡلِ.
وقوله تعالى
(مِّنَ ٱلَّيۡلِ مُظۡلِمًا) يعنى ليل شديد الظلمة، ليس فيه بصبص من نور القمر أو نجوم.
(أولئك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) هؤلاء هُمْ أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، لا يخرجون منها ولا يموتون فيها.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(وَيَوۡمَ نَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ مَكَانَكُمۡ أَنتُمۡ وَشُرَكَآؤُكُمۡۚ فَزَيَّلۡنَا بَيۡنَهُمۡۖ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمۡ إِيَّانَا تَعۡبُدُونَ ﴿٢٨﴾
تتحدث الآية عن أحد مشاهد يوم القيامة، فيقول تعالى:
(وَيَوۡمَ نَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعا) 
وَيَوۡمَ نجمع جميع الخلق يوم القيامة.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يُحْشَرُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى إِنَّ الذُّبَابَ يُحْشَرُ.
(ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ مَكَانَكُمۡ أَنتُمۡ وَشُرَكَآؤُكُمۡۚ) 
ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ منهم الزموا مكانكم، لا تتركوا أمكانكم لا أنتم وَلا الأصنام التى كنتم تعبدونها من دون. 
لماذا ؟ حتى يحاسبكم الله تعالى ويقرر مصيركم.
وهذا مثل قوله تعالى في سورة الصافات
(احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسئولون)

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
واستخدم حرف العطف (ثُمَّ) والذي يفيد التراخي. 
يقول تعالى
(وَيَوۡمَ نَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ) 
ليدل على ان بين حشرهم يعنى جمعهم، وبين ما يقال لهم، مواقف أخري وأهوال أخري.
وقال تعالى
(وَشُرَكَآؤُكُم) يعنى الذين تعتبرونهم شركاء لله، وهم -بالطبع- ليسوا كذلك.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(فَزَيَّلۡنَا بَيۡنَهُمۡ)  
التزييل هو التفريق.
كانت العرب تقول: زلت الضأن من المعز، يعنى فرقت بينهما.
يقول تعالى في سورة الفتح
(لو تزيلوا) يعنى لو تفرقوا (لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما)
فمعنى (فَزَيَّلۡنَا بَيۡنَهُمۡ) يعنى: فرقنا بين هؤلاء المشركين وبين المعبودات الذين كانوا يعتقدون أنهم سيشفعون لهم أو سينفعونهم عند الله تعالى.
والفاء تدل على السرعة.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمۡ إِيَّانَا تَعۡبُدُونَ)
عن مجاهد قال: تنصب يوم القيامة الأصنام التي كانت تعبد في الدنيا، ويقال للمشركين: هؤلاء الذين كنتم تعبدون من دون الله؟ فينطق الله هذه الأصنام وتقول: "والله ما كنا نسمع ولا نبصر ولا نعقل، ولا نعلم أنكم كنتم تعبدوننا "! 
اذن هذه المعبودات تتبرأ منهم.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ إِن كُنَّا عَنۡ عِبَادَتِكُمۡ لَغَٰفِلِينَ ﴿٢٩﴾
تأكيد لهذا التبري 
(فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ) هذا -أيضًا- من كلام الأصنام التي أنطقها الله تعالى.
يعنى فيكفي الله -تعال- شاهدًا وحكمًا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ.

(إِن كُنَّا عَنۡ عِبَادَتِكُمۡ لَغَٰفِلِينَ) يعنى الله -تعالي- يعلم أننا كُنَّا لا نعلم ولا نشعر أنكم تعبدوننا.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

اذن الآيات تنقل أحد مشاهد يوم القيامة، عندما يؤتي بالمشركين، ويؤتي بالأصنام التي كانوا يعبدونها في الدنيا، ثم يقال لهم الزموا مكانكم، حتى يحكم الله بينكم، ثم يفرق بينهم وبين هذه الأصنام والتي كانوا يعتقدون أنها ستشفع لهم عند الله، ثم تتبرأ منهم هذه الأصنام، وتقول يا رب لم نكن نعلم حتى أنهم يعبدوننا.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ ﴿٣٠﴾
(هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ) 
(تَبۡلُواْ) يعنى تظهر وتنكشف.
كما قال تعالى في سورة الطارق
(يوم تبلى السرائر) يعنى تظهر وتنكشف الخبايا.
فقوله تعالى
(هُنَالِكَ تَبۡلُواْ كُلُّ نَفۡسٖ مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ) 
يعنى في هذا الموقف يوم القيامة: تظهر وتنكشف لكل نفس من قدمت من أعمال سواء خير أو شر.
وقرأت
(هُنَالِكَ تَتْلُواْ كُلُّ نَفۡس مَّآ أَسۡلَفَتۡۚ) 
يعنى تَتْلُواْ كُلُّ نَفۡس كتاب حسناتها وسيئاتها.
وهي نفس المعنى.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَرُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّ) 
يعنى وعادوا الى الله ربهم الحقيقي.
أو
(مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّ) يعنى الذي يجازيهم بالحق، كما قال ابن عباس

وروي أنه عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ َدخَلَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ له: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: مَرْدُودٌ إِلَى مَوْلايَ الْحَقِّ
(وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ) 
وغاب عن هؤلاء المشركين -فى هذا الموقف- ما كانوا يفترونه من أن هذه الالهة ستشفع لهم يوم القيامة.

 

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇