Untitled Document

عدد المشاهدات : 120

الحلقة (544) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تفسير وتدبر الآيات من (15) الى (20) من سورة "يُونُس" (وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَاتُنَا.....

الحلقة رقم (544)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
تفسير وتدبر الآيات من (15) الى (20) من سورة "يُونُس"- ص 210
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَاتُنَا بَيِّنَٰت قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ قُلۡ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَآيِٕ نَفۡسِيٓۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۖ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ ﴿١٥﴾ قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَدۡرَىٰكُم بِهِۦۖ فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيكُمۡ عُمُرٗا مِّن قَبۡلِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ﴿١٦﴾ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِ‍َٔايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ ﴿١٧﴾ وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّ‍ُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴿١٨﴾ وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَٱخۡتَلَفُواْۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡ فِيمَا فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ ﴿١٩﴾ وَيَقُولُونَ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦۖ فَقُلۡ إِنَّمَا ٱلۡغَيۡبُ لِلَّهِ فَٱنتَظِرُوٓاْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِينَ ﴿٢٠﴾

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَاتُنَا بَيِّنَٰت قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ قُلۡ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَآيِٕ نَفۡسِيٓۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۖ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ ﴿١٥﴾ 
(وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَاتُنَا بَيِّنَٰت) يعنى: وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡ هؤلاء المشركين آيات القرآن الكريم.
وقال تعالى
(ءَايَاتُنَا بَيِّنَٰت) يعنى هذه الآيات باين وواضح انها من عند الله تعالى.
(قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ) 
(قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا)
يعنى قال الذين لا يؤمنون بيوم القيامة 
(ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ) 
(ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ) يعنى هات من الاهك قرآن غَيۡرِ هَٰذَآ القرآن.
(أَوۡ بَدِّلۡهُۚ) أَوۡ بَدِّلۡهُۚ أنت من عند نفسك.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لماذا يريدون قرآن غير هذا القرآن؟ 
لأن القرآن يحرم عبادة الأصنام، ولأن القرآن يقول أن هناك يوم القيامة، وهذا مخالف لعقائدهم، ولأن القرآن فيه
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) معنى ذلك أنهم متساوون مع العبيد والضعفاء، والقرآن فيه ميراث للمرأة.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
والآية نزلت في جماعة من قريش، كان الرسول ﷺ اذا قرأ عليهم القرآن كانوا يقولون: (ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ) 
يقول تعالى (قُلۡ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَآيِٕ نَفۡسِيٓ) 
قل لهم يا محمد لا أستطيع أن أغير القرآن من عند نفسي.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
كان الظاهر أن يقول: قُلۡ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ آت بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ، و مَا يَكُونُ لِيٓ  أُبَدِّلَهُ.
ولكن القرآن أمر الرسول ﷺ أن يرد على طلب واحد فقط، وهو طلب تبديل القرآن، قال تعالى (قُلۡ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَآيِٕ نَفۡسِيٓ) ولم يرد على الطلب الأول.
وهذا من الأدب مع الله تعالى، لأن الطلب الأول وهو أن يأت بقرآن غير هذا، طلب خاص بالله تعالى، أما الطلب الثاني هو طلب خاص بالرسول ﷺ

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ) يعنى قل لهم يا محمد أن رسول مبلغ ومتبع لما يوحي الىَّ.
(إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ ربي عذاب يوم عظيم) إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ ربي أي معصية مهما كانت صغيرة، عذاب يوم عظيم وهو يوم القيامة، فكيف تطلبون أن أرتكب هذا الذنب العظيم وهو تبديل كلام الله تعالى اتباعًا لأهوائكم.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ) لو بدأت بها، وهي ليست موضع بدأ الا أن تكون اختبارًا، تنطق (ايت بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ) 
اصلها (ٱئۡتِ) همزتين: الهمزة الأولى مكسورة، والهمزة الثانية ساكنة، فابدلت الهمزة الثانية حرفًا من جنس حركة الحرف الذي قبلها، وحركة الحرف الذي قبلها كسرة، فابدلت الهمزة ياءًا، وهذا لسهولة النطق، مثل اسم "ايمان" أصله ائمان، وهذا الحكم في كتب التجويد اسمه الابدال
فاذا بدأت القراءة (ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ) ستنطق (ايت بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ) وان كان هذا ليس -كما ذكرنا- موضع بدأ.
وهذا متكرر في القرآن في أكثر من موضع، ولكنه ليس موضع ابتداء في القرآن الا في موضع واحد فقط، في الآية رقم (4) في سورة الأحقاف قوله الله تعالى
(ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَٰذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَدۡرَىٰكُم بِهِۦۖ فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيكُمۡ عُمُرا مِّن قَبۡلِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ﴿١٦﴾
هنا يؤكد على أن هذا القرآن العظيم من عند الله تعالى، وأن النبي ﷺ لم يأت به من عند نفسه، فقال تعالى: (قُل لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوۡتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ وَلَآ أَدۡرَىٰكُم بِهِ)  
يعنى: قُل يا محمد لهؤلاء المشركين: لَّوۡ شَآءَ ٱللَّهُ ألا يرسلنى اليكم، وألا أتلو عليكم هذا القرآن لفعل، َولو شاء الله ألَآ تدرون ولا تعلمون أن هناك كتاب اسمه القرآن لفعل.

(وَلَآ أَدۡرَىٰكُم بِهِ) من الدراية وهو العلم.
نحن نقول "انت لم تدر بالذي حصل" يعنى لم تعرف بما حصل

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يعنى الأمر كله متعلق بأمر الله تعالى ومشيئته، ولا دور للرسول ﷺ في هذا الأمر الا أني مبلغ وناقل لهذا القرآن
اذن يؤكد -مرة أخري- على أن هذا القرآن العظيم من عند الله تعالى، وأن النبي ﷺ لم يأت به من عند نفسه،
والدليل على ذلك:

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيكُمۡ عُمُرا مِّن قَبۡلِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ)
يعنى لَبِثۡتُ فِيكُمۡ قبل أن يوحي الىَّ أربعين سنة، لم أقل فيها بيت شعر واحد، ولم ألقي فيها خطبة واحدة، ولم أقرأ كتابًا لأني أمي، ولم أجلس الى عالم، ومكة نفسها لم يكن فيها علماء. 
أفانين الكلام: شعر ونثر وخطابة وفخر وحكمة، لم يعرف أن النبي ﷺ مارس أي من هذه الأساليب.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم قال (أَفَلَا تَعۡقِلُونَ)
يعنى كل من له عقل سليم يعرف أن من كان هذا هو حاله، ثم يأتي بهذا الكتاب المعجز الذي أعجز الفصحاء، وأعيا العلماء منذ نزوله والى الآن والى قيام الساعة، فهذا لا يمكن أن يكون الا بوحي من الله تعالى.

(فَقَدۡ لَبِثۡتُ فِيكُمۡ عُمُرا مِّن قَبۡلِهِۦٓۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِ‍َٔايَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ ﴿١٧﴾
(فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ) الافتراء هو الكذب المتعمد
يعنى: لا أحد أشد ظلمًا ممن كذب على الله تعالى، فقال أن الله له شريك، وقال أن الأصنام تشفع لنا عند الله تعالى، أو من أدعي النبوة، وقال أن الله أرسله، فكل ذلك من الكذب والافتراء على الله تعالى.

(أَوۡ كَذَّبَ بِ‍َٔايَٰتِهِ) 
يعنى كَذَّبَ بآيات القرآن العظيم وقال إن محمد جاء بها من عند نفسه.
(إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ) 
و(ٱلۡمُجۡرِمُونَ) هنا يعنى المشركون.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّ‍ُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴿١٨﴾
وَيَعۡبُدُونَ -هؤلاء المشركون- مِن دُونِ ٱللَّهِ -تعالى- يعنى مِن غير ٱللَّهِ -تعالى- أصنام التي لا تملك أن تضرهم أو تنفهم.
لا يضرهم إن لم يعبدوه ولا ينفعهم إن عبدوه

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
من أسماء الله الحسنى (الضار) (النافع)
واذا قلت الضار فلابد أن تقول بعده النافع، اذا قلت المذل لابد أن تقول معها المعز (المعز المذل)، اذا قلت القابض، تقول معها الباسط، وهكذا، لماذا؟ لأن الله -تعالى- يضر لينفع، ويذل ليعز، ويقبض ليبسط.
لو كشف الغطاء عن الإنسان، لذاب كما تذوب الشمعة حبًا في الله الذي ساق اليه هذه الشدائد.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ) يعنى: وَيَقُولُونَ إن هذه الأصنام تشفع لنا عِندَ ٱللَّهِ تعالى.
والمقصود أن هذه الأصنام تشفع لهم في اصلاح دنياهم، لأنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث ويوم القيامة.
أو أنهم كانوا شاكين في أمر البعث، فقالوا: حتى -على افتراض- أن هناك بعث، فان هذه الأصنام ستشفع لنا يوم القيامة.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (قُلۡ أَتُنَبِّ‍ُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ)
هل أنتم ستعرفون الله من الذي سيكون شفيعا عنده.
مثل رجل يقول لصاحب شركة، ان مكتب صاحب هذه الشركة به عشرة موظفين.
فقال له صاحب الشركة بل ثلاثة فقط! فقال له: بل هم عشرة، فقال له صاحب الشركة: هل ستعرفني ما في شركتى.

(قُلۡ أَتُنَبِّ‍ُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ)
هل أنتم ستعرفون الله من الذي سيكون شفيعا عنده، وهو -تعالى- لا يخفي عليه شيء فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ
(سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ) 
ومنزه -تعالى- من أن يشفع عنده من لم ياذن به تعالى.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَٱخۡتَلَفُواْۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡ فِيمَا فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ ﴿١٩﴾
(وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّة وَٰحِدَة) يعنى على التوحيد والإيمان بالله تعالى. 
(فَٱخۡتَلَفُواْ) يعنى فَٱخۡتَلَفُواْ بعد ذلك، فمنهم مؤمن ومنهم كافر. 
(وَلَوۡلَا كَلِمَة سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡ فِيمَا فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ) 
يعنى طالما مؤمنين وكافرين، لماذا يا رب لا تهلك الكافرين؟
يعنى وَلَوۡلَا قضاء قضاه الله تعالى، وهو عدم معاقبة الكافر في الدنيا، وأمهاله الى يوم القيامة. 
التكليف في الدنيا، والثواب والعقاب يوم القيامة.
الدنيا ليست ثوابًا لمؤمن، ولا عقابًا لكافر.

(لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡ فِيمَا فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ) 
كان هذا الخلاف قد حسم في الدنيا فورًا
يعنى لقضى الله في اختلافهم بما يميز الحق من الباطل.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هذه الآية تشبه آية مرت علينا في سورة البقرة، قول الله تعالى: (كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ)
الذي يقرأ القرآن قراءة سطحية يعتقد أنها نفس المعنى، ولكن الحقيقة ان الآيتين مكملتين لبعضهما البعض، ضع الآيتين بجوار بعضهما البعض:
كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّة وَٰحِدَة فَٱخۡتَلَفُواْۚ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ.
كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّة وَٰحِدَة على الإيمان، فَٱخۡتَلَفُواْۚ منهم مؤمن ومنهم كافر فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وتحدث العلماء: متى كان الناس أمة واحدة، ثم اختلفوا بعد ذلك؟
قال بعضهم كان الناس امة واحدة على الإيمان منذ خلق آدم، حتى قتل قابيل أخيه هابيل، فانقسم الناس الى أهل الحق وأهل الباطل.
وقيل كان الناس أمة واحدة وهو أصحاب السفينة في زمن نوح -عليه السلام- ثم ظهر الكفر بعد ذلك، وانقسموا الى مؤمن والى كافر.
وقيل كان الناس أمة واحدة على التوحيد في زمن ابراهيم -عليه السلام- حتى جاء "عمرو بن لحي" بعبادة الأصنام وانقسم الناس.
والظاهر أنه ليس المقصود بذلك زمن معين، ولكن الناس يكونون -دائمًا- على الإيمان، ثم يختلفون ويفترقون الى مؤمن وكافر

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
من المعلومات الخاطئة التى تعلمناها في المدارس، وما زالت موجودة الى الآن وتدرس للأطفال أن "أخناتون" (حوالى 1300 ق.م) كان أول من دعا الى التوحيد، ثم تعلم منه هذه الفكرة الأنبياء من بعده، يعنى أن الناس كانوا على الكفر لآلاف السنين، وهذا خطأ فادح لأن أول من نادي بالتوحيد هو آدم -عليه السلام- 
ومن يقول هذه المعلومة لم يقرأ القرآن مرة واحدة. 
يقول تعالى
(وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّةٗ وَٰحِدَة) يعنى على التوحيد منذ خلق آدم -عليه السلام- (فَٱخۡتَلَفُواْۚ) أي بعد ذلك الى مسلم وكافر.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَيَقُولُونَ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦۖ فَقُلۡ إِنَّمَا ٱلۡغَيۡبُ لِلَّهِ فَٱنتَظِرُوٓاْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِينَ ﴿٢٠﴾
(ءَايَة مِّن رَّبِّهِ) يعنى معجزة مادية كونية، مثل ناقة صالح وعصا موسي ومائدة عيسي، وغير ذلك من المعجزات التى جاء بها أنبياء الله.
وهذا تعنت المشركين وجهالتهم لأن الرسول ﷺ جاء بمعجزة القرآن الكريم، وتعهد الله بحفظة الى يوم القيامة.
لأن كل نبي من الأنبياء أرسل الى قومه خاصة وأرسل الى زمن مخصوص، فناسب أن يؤيده الله بمعجزة مادية حتى يراها قومه في هذا الزمن.
فتكون هذه المعجزة مثل عود الثقاب الذي يشتعل لمرة ثم ينطفيء
ولكن الرسول ﷺ لأنه خاتم الأنبياء، ورسالته الى قيام الساعة، فلابد أن تكون معجزته باقية يراها الناس الى قيام الساعة، ولذلك كانت معجزته ﷺ هي القرآن الكريم، وتعهد الله بحفظه الى قيام الساعة، قال  تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (وَيَقُولُونَ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦۖ فَقُلۡ إِنَّمَا ٱلۡغَيۡبُ لِلَّهِ)
يعنى نزول أو عدم نزول هذه الآيات الكونية التى تطلبوها من الغيب الذي لا يعلمه الا الله.
(فَٱنتَظِرُوٓاْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِينَ)
هذا من التهديد لهم.
(فَٱنتَظِرُوٓاْ) قضاء الله بيننا باظهار الحق على الباطل.
(إِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِينَ) قضاء الله بيننا.

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇        

.