Untitled Document

عدد المشاهدات : 224

الحلقة (536) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تفسير وتدبر الآية (123) من سورة "التوبة" (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَٰتِلُواْ.....

الحلقة رقم (536)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الآية (123) من سورة "التوبة" ص 207

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ ٱلۡكُفَّارِ وَلۡيَجِدُواْ فِيكُمۡ غِلۡظَة وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ ﴿١٢٣﴾ 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

قلنا إن أحد محاور سورة "التوبة" هو الحديث عن أحداث غزوة "تبوك".
وهنا تختم السورة حديثها عن الجهاد في سبيل الله فيقول الله تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ ٱلۡكُفَّارِ)
(يَلُونَكُم) يعنى الأقرب اليكم، وهي من الولي، يعنى القريب، نقول "فلان يليه في الصف" يعنى الذي بعده مباشرة.
فالمعنى: قَٰاتِلُواْ العدو الأقرب لكم.
وهذه أحد قواعد الحرب الأساسية، وهي قتال الأقرب والانتهاء منه، ثم بعد ذلك الأبعد، لأنه لو بدأ بالأبعد وترك الأقرب سيكون ظهره مكشوفًا لأعدائه.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ولهذا بدأ الرسول ﷺ بقتال المشركين في جزيرة العرب، واليهود حول المدينة، ثم شرع في قتال الروم، لأنهم كانوا الأقرب الى المدينة، فبدأ بسرية "مؤتة" في السنة الثامنة من الهجرة، ثم خرج ﷺ بنفسه الى "تبوك" في السنة التاسعة، ثم بعد وفاة النبي ﷺ سار الخلفاء الراشدون على ذلك النهج، فقاموا بقتال الروم ثم الفرس.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى: (وَلۡيَجِدُواْ فِيكُمۡ غِلۡظَة) 
وفيها ثلاث قراءات: (غِلۡظَة) بكسر الغين وهي قراءة الجمهور.
و (غَلۡظَة) بالفتح و(غُلۡظَة) بالضم.
وهذه لهجات، فقرئها الرسول ﷺ بلهجات العرب المختلفة تيسيرًا على العرب.
يعنى أهل الحجاز يقولون (غِلۡظَة) بكسر الغين، وبني تميم يقولون (غُلۡظَة) بالضم.
ومعنى: (وَلۡيَجِدُواْ فِيكُمۡ غِلۡظَة) وليجد الكفار منكم شدة وقوة وحمية في القتال.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وهذه من صفة المؤمن أنه رفيق مع أخوانه المؤمنين، غليظ مع أعدائه الكافرين.
قال تعالى: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله والذين مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الكفار رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ)
روي عن ابن عباس أنه قال إن من صفة الرسول ﷺ في التوراة أنه الضحوك القتال، يعنى كثير التبسم في وجوه المؤمنين، قَتَّال لأعدائه الكافرين.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

والتعبير بقوله تعالى (وَلۡيَجِدُواْ فِيكُمۡ) كأن الأعداء يبحثون عن هذه الغلظة.
 لأن الغلظة ليست هي طبيعة أخلاق المسلمين، وانما الأصل في أخلاق المسلمين هي الرفق واللين، حتى في الحرب، والإسلام حَرَّم فظائع الحروب، ولم نجد ما نطلق عليه "أخلاق الحرب" الا عند المسلمين فقط، ولم ينتبه غير المسلمين الى "أخلاق الحرب" الا بعد قرون طويلة، عندما عقدوا اتفاقية جنيف في سنة 1864م يعنى من حوالي 160 سنة، وفي النهاية لا تلتزم الدول بهذه الاتفاقيات.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
فظائع الحروب لا تزال موجودة الى الآن، وأصبحت موثقة بالصوت والصورة، أول شيء تفعله الجيوش المنتصرة هو القتل الجماعي واغتصاب النساء والسلب والنهب.
نحن كمسلمون لا نعتدي أبدًا على المدنيين، لا نحارب الا من يحمل السلاح.
نحن كمسلمون لا يمكن أبدًا أن نلقي قنبلة ذرية تقتل ربع مليون انسان مدني غير محارب في لحظة.
نحن كمسلمون لا يمكن أن نرتكب أبدًا جرائم التطهير العرقي، لا يمكن أن نفعل مثل الغرب الذي اباد شعب كامل، تعداده أكثر من عشرة مليون نسمة، وهو الهنود الحمر. 
وغير الهنود الحمر، جرائم التطهير العرقي كثيرة، ولا تزال ترتكب حتى الآن، أين سكان استراليا الأصليين، تمت ابادتهم.
ولذلك كان هذا التعبير القرآني الدقيق: (وَلۡيَجِدُواْ فِيكُمۡ غِلۡظَة) لأن الغِلۡظَة ليست هي طبيعة أخلاق المسلمين، وانما هي أمر طاريء لا يتعامل به المسلمون الا عند الحاجة اليه.

هندي أحمر

سكان استراليا الأصليون

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

اذن قول الله تعالى (وَلۡيَجِدُواْ فِيكُمۡ غِلۡظَة) وليجد الكفار منكم شدة وقوة وحمية في القتال.
وأيضًا شدة في القول: عندما نرسل رسالة الى العدو، يكون فيها القوة والشدة.
ولذلك كانت رسائل الحكام والقادة المسلمين مثالًا يضرب لعزة المسلمين.
مثل رسالة "خالد بن الوليد" لقادة الفرس "جئتك برجال يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة، ويرغبون في الآخرة كما ترغبون في الدنيا"
عندما أرسل نفقور ملك الروم الى هارون الرشيد يعلن فيه رفضه دفع الجزية بل ويطلب منه أن يرد أموال الجزية التي أخذها من قبل والا القتال، فاستشاط "هارون الرشيد" غضبًا، وكتب على ظهر الرسالة:
من هارون الرشيد أمير المؤمنين، إلى نفقور كلب الروم:
قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه لا ما تسمعه!

وأرسل جيشًا جرارًا وأدب الروم، ولم ينصرف حتى أقروا بدفع الجزية.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ)
وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ بنصره ومعونته.
فاحرصوا على ان تكون هذه الصفة فيكم، وهي تقوي الله، حتى يتحقق لكم نصر الله ومعونته.
إذا أردتم أن يكون الله معكم فحققوا هذه الصفة فيكم، وهي صفة التقوي.

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇