Untitled Document

عدد المشاهدات : 184

الحلقة (523) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تفسير وتدبر الآيات من (79) الى (83) من سورة "التَوْبًة" (ٱلَّذِينَ يَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِينَ ……

الحلقة رقم (523)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الآيات من (79) الى (83) من سورة "التوبة" ص 199
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(ٱلَّذِينَ يَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِينَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَيَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٧٩﴾ ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ ﴿٨٠﴾ فَرِحَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ بِمَقۡعَدِهِمۡ خِلَٰفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوٓاْ أَن يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَالُواْ لَا تَنفِرُواْ فِي ٱلۡحَرِّۗ قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاۚ لَّوۡ كَانُواْ يَفۡقَهُونَ ﴿٨١﴾ فَلۡيَضۡحَكُواْ قَلِيلا وَلۡيَبۡكُواْ كَثِيرا جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ ﴿٨٢﴾ 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(ٱلَّذِينَ يَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِينَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَيَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٧٩﴾
روي في سبب نزول هذه الآية الكريمة أن الرسول ﷺ عندما اراد الخروج الى "تبوك" خطب في المسلمين ودعاهم الى الصدقة، وقال: "تصدقوا فإني أريد أن أبعث بعثًا" فجاء "عبد الرحمن بن عوف" بأربعة ألاف دينار من الذهب، فقال له النبي ﷺ: أكثرت يا عبد الرحمن بن عوف، هل تركت لأهلك شيئا؟ قال: يا رسول الله عندي ثمانية آلاف: أربعة آلاف في سبيل الله، وأربعة آلاف لعيالي، فقال له النبي ﷺ: بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت.
وجاء أبو بكر بمال كثير، وجاء عمر بمال كثير، وجاء عثمان بمال كثير، وجاء رجل من الأنصار اسمه "أصم بن عدي" بمال كثير، فقال المنافقون: ما أعطي هؤلاء الا رياءًا.
وروي أن عمر -رضى الله عنه- عندما جاء بصدقته قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: أَتُرَائِي يَا عُمَرُ؟ قَالَ:
نَعَمْ، أُرَائِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

وكان في الأنصار رجل فقير اسمه "حبحاب" ويكنى "أبو عقيل" وأراد أن يتصدق وليس عنده شيء، فظل طوال الليل يعمل أجيرًا في مزرعة نخيل، وأخذ أجرته صاعين من تمر (يعنى حوالي 5 كيلو جرام) فجعل صاعًا لعياله، وذهب الى النبي ﷺ وتصدق بالصاع الآخر، فضحك المنافقون وقالوا: إن الله لغنى عن صاع أبى عقيل. 
وقال بعضهم: انما أراد أن يذكر بنفسه ليعطى من الصدقة

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن فهؤلاء المنافقون لا يعجبهم أي شيء، فالذي تصدق بالمال الكثير قالوا عنه مرائي، والذي تصدق بالمال القليل سخروا منه.
ومن سخريتهم -أيضًا- ما روي أن الرسول ﷺ عندما دعا الى الصدقة جاء رجل ليس هناك أقصر منه، وليس هناك أسود منه، ومعه ناقة ليس هناك أحسن ولا أجمل منها، يريد ان يتصدق بها، فقال أحدهم: انه يتصدق بها، وهي أجمل منه، فغضب الرسول ﷺ ونظر ايه وقال:
بل هو خير منك ومنها.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعال (ٱلَّذِينَ يَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِينَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ) 
(يَلۡمِزُونَ) يعنى يعيبون، لأن اللمز هو العيب بطريق خفي.
و
(ٱلۡمُطَّوِّعِينَ) يعنى: ٱلۡمُتَطَوِّعِينَ، وأدمغت التاء في الطاء لقرب المخرج.
والمعنى أن هؤلاء المنافقون يعيبون في ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ويقولون إنهم ينفقون رياءًا.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَيَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ) يعنى ويسخرون من فقراء ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ لَا يملكون إِلَّا جُهۡدَهُمۡ، مثل "أبو عقيل" الذي بات ليلته يعمل مقابل صاعين من تمر، وتصدق بواحد منهما.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
أي أن الله -تعالى- سيسخر منهم يوم القيامة، لأن الجزاء من جنس العمل، فكما أنهم سخروا من ٱلۡمُؤۡمِنِينَ في الدنيا، يكون عقابهم أن يسخر الله منهم يوم القيامة.
(وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ) يعنى وَلَهُمۡ -فوق السخرية- عَذَابٌ مؤلم موجع يوم القيامة.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ ﴿٨٠﴾
يعنى سواء استغفرت لهم يا محمد أو لم تستغفر لهم فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ، لأن بعض المنافقون فرح أن الرسول ﷺ قد استغفر له، واعتقد أنه بذلك قد نجا من عقاب الله تعالى، فالله تعالى يقول لهم: سواء استغفر لكم رسول أو لم يستغفر لكم، فلن يغفر الله لكم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لماذا؟ يقول تعالى: (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ) يعنى سبب عدم المغفرة، أنهم كافرون بالله وكافرون برسوله، والله تعالى لا يغفر للكافر.
(وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ) قلنا من قبل أن هناك: هداية الدلالة، وهناك هداية التوفيق، هداية الدلالة يعنى أن الله تعالى دل كل الناس وبين لكل الناس، الطريق الصحيح الموصل الى الجنة، وبين لهم الطريق الخطأ الموصل الى النار، فالذي يختار الطريق الصحيح، يعينه الله وهذه هي هداية المعونة، يقول تعالى (وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى) يعنى الذين يختاروا طريق الهداية، يزيده الله تعالى هُدًى، أما الذي يختار -بارادته- الطريق الخطأ، فهذا يحرم من هداية التوفيق، وهذا هو معنى قول الله تعالى في هذه الآية (وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ) يعنى لا يهديهم هداية المعونة، لأنهم اختارو طريق الفسق والخروج عن طاعة الله.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وليس المقصود بقوله تعالى (إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ)  هو تعيين العدد، ولكن المقصود هو التكثير، كما تقول لأحدهم: اتصلت بك مئة مرة.. ذهبت الى مكان كذا مئة مرة.. فحين تقول ذلك، أنت لا تقصد العدد ولكن تقصد التكثير.
وقيل إن هذه الآية عندما نزلت قال الرسول ﷺ:
لَأَزِيدَنَّ عَنِ السَّبْعِينَ، لأن الرسول ﷺ جًبِلَ على الرحمة، فنزل قول الله تعالى في سورة المنافقون (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) فكف ﷺ عن الاستغفار لهم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
عندما تتأمل في هذا الأثر، نقول إذا كانت هذه هي رحمة الرسول بالمنافقين فكيف رحمته بالمؤمنين؟ يقول تعالى (بالمؤمنين رؤوف رحيم) وإذا كانت هذه هي رحمة الرسول بنا، فكيف رحمة الله تعالي بنا؟ وأنا لا أقول هذا الكلام حتى نتواكل على رحمة الله تعالى، أبدًا، لأن المؤمن يجب أن يكون بين الخوف والرجاء، وأن يغلب الخوف على الرجاء، ولكن أقول هذا، حتى إذا مررت بابتلاء قوي -وليس هناك أحد على وجه الأرض الا وهو مبتلى- تعلم أن الذي ابتلاء هو رحيم، بل أرحم عليك من أمك التي ولدتك، وأنه لم يبتليك الا لأنه يريد لك الخير.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(فَرِحَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ بِمَقۡعَدِهِمۡ خِلَٰفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوٓاْ أَن يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَالُواْ لَا تَنفِرُواْ فِي ٱلۡحَرِّۗ قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاۚ لَّوۡ كَانُواْ يَفۡقَهُونَ ﴿٨١﴾
(فَرِحَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ بِمَقۡعَدِهِمۡ خِلَٰفَ رَسُولِ ٱللَّهِ)
ٱلۡمُخَلَّفُونَ: هم المنافقون الذين تخلفوا عن الخروج مع الرسول ﷺ في غزوة "تبوك" وكان عددهم أربعة وثمانون رجلًا.
فالمعنى أن هؤلاء المنافقون فرحوا بقعودهم في المدينة وعدم خروجهم للجهاد مع الرسول ﷺ.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وهنا ملاحظتين:
كلمة
(خِلَاٰفَ رَسُولِ ٱللَّهِ) تحمل معنيين: تحمل معنى الترك والمفارقة للرسول ﷺ، وتحمل معنى مخالفة الرسول ﷺ.
لأن ليس كل الذين لم يخرجوا للقتال في "تبوك" من المنافقين، هناك أصحاب أعذار مؤمنين، وهناك مؤمنين صادقوا الإيمان وتابوا عن هذا الذنب، فجاء تعالى بكلمة (خِلَاٰفَ رَسُولِ ٱللَّهِ) لتفيد أن الذين فرحوا بعدم الخروج، ليسوا كل الذين قعدوا في المدينة، ولكن الذين قعدوا وهم مخالفين لأمر رسول الله.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الملاحظة الثانية: أن الظاهر أن تقول الآية: "فَرِحَ ٱلۡمُتَخَلَّفُونَ بِمَقۡعَدِهِمۡ خِلَٰفَ رَسُولِ ٱللَّهِ"
لأن هنام فرق بين"ٱلۡمُتَخَلَّفُونَ" و(ٱلۡمُخَلَّفُونَ) 
"ٱلۡمُتَخَلَّفُونَ"يعنى تخلفوا باختيارهم، يقال: تخلف فلان عن الحضور، يعنى هو الذي اختار عدم الحضور.
ولكن
(ٱلۡمُخَلَّفُونَ) باسم المفعول، يعنى تخفوا رغمًا عنهم، "خلفت فلان" يعنى تركته، خلفت إبني في البيت يعنى تركته في البيت.
فكان الظاهر أن تقول الآية: "فَرِحَ ٱلۡمُتَخَلَّفُونَ بِمَقۡعَدِهِمۡ خِلَٰافَ رَسُولِ ٱللَّهِ" لأن الرسول ﷺ دعا للخروج، وهم الذين اختاروا عدم الخروج، بل كل واحد جاء بحجة للرسول ﷺ حتى يأذن له بعدم الخروج. 
ومع ذلك قال تعالى
(فَرِحَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ) للإشارة الى أن هؤلاء أقعدهم الله تعالى لأنه -تعالى- لم يرد خروجهم، كما قال تعالي: (وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ) 


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(وَكَرِهُوٓاْ أَن يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ) 
وهذا طبيعي بالنسبة للمنافق لأن المنافق يري الجهاد بالمال مغرم وخسارة، ويري الجهاد بالنفس تعريض للنفس للخطر.
اذن من صفات المنافق أنه يكره إنفاق المال في سبيل الله، ويكره الخروج للجهاد في سبيل الله.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَقَالُواْ لَا تَنفِرُواْ فِي ٱلۡحَرِّ) يعنى وقال بعضهم لبعض: لَا تَنفِرُواْ فِي ٱلۡحَرِّ، لأن غزوة "تبوك" كانت في الصيف والحرارة شديدة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاۚ لَّوۡ كَانُواْ يَفۡقَهُونَ)
يعنى قُلۡ لهم يا محمد أن نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّا من حر الصيف.
ووجه المقارنة أن تخلفهم عن الخروج يعرضهم لنار جَهَنَّمَ، وخروجهم للقتال مع الرسول ﷺ يقيهم حر نَارُ جَهَنَّمَ.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(لَّوۡ كَانُواْ يَفۡقَهُونَ) الفقه لغة هو الفهم.
يعنى: لَّوۡ كَان هؤلاء يَفۡهمون وكانوا عقلاء ما كانوا اختاروا أبدًا حر نار جهنم على حر الدنيا. 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هذه الاية يمكن أن تخاطب بها نفسك في كثير من المواقف، يعنى مثلًا إذا أردت تصوم في الأيام البيض الثلاثة وكان الجو حارًا، تخاطب نفسك وتقول (قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّا) يعنى صيام هذه الأيام يقيك حر نار جهنم. 
اذا كنت تريد الخروج لصلاة الظهر او صلاة العصر في المسجد وتكاسلت بسبب حرارة الجو، تخاطب نفسك وتقول (قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّا) 
إذا كان هناك سفر أو مشوار للخير والجو حار تقول: (قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّا)


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(فَلۡيَضۡحَكُواْ قَلِيلا وَلۡيَبۡكُواْ كَثِيرا جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ ﴿٨٢﴾
يعنى فَلۡيَضۡحَكُواْ -هؤلاء المنافقون- قَلِيلا في هذه الدنيا الفانية، وَلۡيَبۡكُواْ كَثِيرا يوم القيامة (جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ) يعنى من الذنوب. والمثل العالمي يقول: "من يضحك أخيرًا يضحك كثيرًا"
قال أحد المفسرون: إِذَا مَاتَ بَكَى بُكَاءً لَا يَنْقَطِعُ.
عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله ﷺ يقول:
"يا أيها الناس ابكو، فإن لم تستطيعوا فتباكوا، فإن أهل النار يبكون في النار، حتى تسيل دموعهم في وجوههم كأنها جداول، ثم تنقطع الدموع، فتسيل الدماء فتقرح العيون، فلو أن سفنا أجريت فيها لجرت".


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَة مِّنۡهُمۡ فَٱسۡتَ‍ٔۡذَنُوكَ لِلۡخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخۡرُجُواْ مَعِيَ أَبَدا وَلَن تُقَٰتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّاۖ إِنَّكُمۡ رَضِيتُم بِٱلۡقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّة فَٱقۡعُدُواْ مَعَ ٱلۡخَٰلِفِينَ ﴿٨٣﴾
(فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ) يعنى ان عدت الى المدينة 
(إِلَىٰ طَآئِفَة مِّنۡهُمۡ) يعنى إِلَىٰ مجموعة من الذين تخلفوا عن الخروج، وهم المنافقون.
لأن ليس كل الذين تخلفوا عن الخروج من المنافقين، فهناك من كان عنده عذر مقبول، مثل الذين أتوا إلى الرسول ﷺ وكانوا فقراء ولا يملكون دابة يركبوها، فردهم الرسول  ، فقال لهم : "لا أجد ما أحملكم عليه" "فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا" وستأتي قصتهم.
وستأتي قصة الثلاثة الذين خلفوا وندموا ندمًا شديدُا، حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم" 
اذن ليس كل الذين لم يخرجوا مع الرسول ﷺ من المنافقين، ولذلك عندما أراد أن يتحدث عن المنافقين -الذين تخلفوا عن الخروج- قال (فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَة مِّنۡهُمۡ) يعنى ان رجعك الله من "تبوك" الى مجموعة من الذين تخلفوا -وهم المنافقون- 

(فَٱسۡتَ‍ٔۡذَنُوكَ لِلۡخُرُوجِ) يعنى طلبوا منك أن يخرجوا معك للقتال في غزوة أخري. 
(فَقُل لَّن تَخۡرُجُواْ مَعِيَ أَبَدا) يعنى إذا خرجت للقتال فلن تخرجوا معي.
(وَلَن تُقَٰتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّا) وحتى إذا داهم المدينة عدوًا -كما حدث في غزوة الأحزاب- فلن تقاتلوا معي هذا العدو.
وهذا أولًا عقابًا لهم ولعنًا وطردًا 
وثانيًا لأنه قد ظهر نفاقهم ولذلك وجودهم في الجيش يضر الجيش ولا يفيده، كما قال تعالى (لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا حبلًا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة)

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن (لَّن تَخۡرُجُواْ مَعِيَ أَبَدا وَلَن تُقَٰتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّا) 
لماذا؟
(إِنَّكُمۡ رَضِيتُم بِٱلۡقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّة) لإن انتم اخترتم وكنتم سعداء بقعودكم (أَوَّلَ مَرَّة) يعنى في غزوة "تبوك" وتخليتم عن المسلمين وهم في حاجة اليكم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(فَٱقۡعُدُواْ مَعَ ٱلۡخَٰلِفِينَ) يعنى َٱقۡعُدُواْ مَعَ النساء والأطفال.
وهذه فيها اهانة لهم.
وهناك معنى آخر للۡخَٰالِفِينَ يعنى: الفاسدين.
كانت العرب تقول "خلف اللبن" يعنى فسد، ومنه "خلوف فم الصائم" يعنى تغير رائحة فم الصائم.
اذن قوله تعالى
(فَٱقۡعُدُواْ مَعَ ٱلۡخَٰلِفِينَ) يعنى: اقعدوا مع النساء والصبيان، وتعنى أيضًا: اقعدوا مع الفاسدين.

 

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇