Untitled Document

عدد المشاهدات : 280

الحلقة (517) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تفسير وتدبر الآية (60) من سورة "التَوْبًة" (إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ ……

الحلقة رقم (517)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)

تفسير وتدبر الآية رقم (60) من سورة "التوبة" ص 196
(الجزء الثاني: مصارف الزكاة)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۖ فَرِيضَة مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم ﴿٦٠﴾
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

هذه الآية الكريمة تتناول مصارف الزكاة، والحلقة السابقة كانت مقدمة مختصرة عن الزكاة، 
يقول تعالى (إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ) المقصود بالصَّدَقَٰاتُ هنا هي الزكاة المفروضة.
(انما) تفيد الحصر
يعنى لا تدفع الزكاة الا لهؤلاء الثمانية فقط
وفي آخر الاية (فريضة من الله) يعنى هذه أحكام فرضها الله عليكم، ولا يجوز ان تخرجوا عنها.
يقول تعالى (والله عليم حكيم) يعنى الله ذو علم بمصالح العباد، حكيم يضع كل شيء في موضعه.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

يقول تعالى (إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ)
الفقير لغة من فقار الظهر.
فسمي الفقير بذلك كأن الحاجة كسرت فقار ظهره.
ونحن نقول في لغتنا الدارجة أن فلان -مثلُا- وقعت له مصيبة في تجارته كسرت ظهره.
أما المسكين فهي من السكون، كأن الحاجة أسكنته، كما نقول "فلان كانن"

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ)
ما الفرق بين الفقير والمسكين؟
اذا ذكر الفقير فهذا يعنى الفقير والمسكين، واذا ذكر المسكين فهذا يعنى المسكين والفقير.
ولكن إذا ذكرا معًا -كما في هذه الآية- فالفقير له معنى والمسكين له معنى آخر، وان كان المعنيان متقاربان.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
فقالوا إن الفقير هو أكثر حاجة من المسكين، ولذلك كان الرسول ﷺ يستعيذ من الفقر، فكان من دعائه "اللهم اني أعوذ بك من الكفر والفقر" حتى الرسول ﷺ وهو يستعيذ من الفقر قرن الفقر بالكفر.
وقال ﷺ "بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا: هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا"
وفي نفس الوقت كان الرسول ﷺ يطلب أن يكون مسكينًا، فكان من دعائه ﷺ "اللهم أحينى مسكينًا وأمتى مسكينى واحشرني مع زمرة المساكين" 
اذن الفقير أكثر حاجة من المسكين

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
فقالوا أن الفقير هو الذي لا يملك أي شيء، أو يملك أقل من نصف حاجته، ولذلك قال تعالى في سورة الحشر (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ) لا يملكون أموال ولا ديار ولا أي شيء، ولذلك كان "أبو هريرة" -رضى الله عنه- يحكي أنه كان يظل أيامًا بلا طعام، حتى كان يغشي عليه من الجوع.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
أما المسكين: يقول تعالى في سورة الكهف (أَمَّا السَّفينَةُ فَكانَت لِمَساكينَ يَعمَلونَ فِي البَحرِ) فهم يملكون سفينة، وقادرين على العمل، ومع ذلك وصفهم الله تعالى بأنهم مساكين، فقالوا أن المسكين هو الذي يملك أكثر من نصف حاجته الأساسية.
يعنى -مثلًا- رجل يحتاج حتى يسد احتياجاته واحتياجات أسرته الأساسية 6000 جنيه: من مأكل وملبس وأدوية وايجار وفواتير كهرباء، وفواتير مياه، ومواصلات، ومصاريف دراسة، وعلاج.
وهو راتبه مع راتب زوجته 5500 جنيه.
اذن هذا الرجل "مسكين" يستحق الزكاة، حتى لو كان موظف، لإن راتبه لا يسد احتياجاته الأساسية.
لكن عندما اجده يدخل سجائر، ا    ذن أنت تنفق في السجائر -التى تضرك- على الأقل 1000 جنيه في الشهر، اذن أنت تملك فوق احتياجاتك الأساسية اذن فأنت غير مستحق للزكاة.
عندمت تدخل بيته وتجد مظاهر ترف.. فهذا غير مستحق للزكاة..


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

كان من الممكن أن تقول الآية (لِلۡفُقَرَآءِ) فقط، لإن كما قلنا لو قلنا للفقراء لوحدها تعيني الفقير والمسكين، وكان ممكن تقول للمساكين فقطـ، ولكن الله تعالى قال (إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ) حتى يقول لك عليك أن تعطي الأكثر فقرًا، عليك أن تبدأ بالفقر أولًا الذي لا يملك أي شيء، ثم تعطي المسكين ثانيًا الذي حالته أفضل من الفقير.
الآية تقول لك عليك أن تتحري -بقدر استطاعتك- وأنت تعطي زكاة مالك، هذه الأموال التي تعطيها هي حق للأكثر فقرًا. 
أموال الزكاة أمانة، يجب عليك أن توصلها الى أصحابها، وأصحابها هم الأكثر فقرًا، اذا أعطيتها لغير المحتاج فأنت حرمت المحتاج.
لا تستسهل.. لا تعطيها الى أي شخص وتقول "من خدعنا بالله انخدعنا له" هذه الأموال ليست ملكك، حتى تختار أن تنخدع فيها، ولكنها حق للفقير، وأنت مؤتمن أن توصلها اليه. 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن أول مصرفين من مصارف الزكاة هما: الفقراء والمساكين، والإثنين لا يملكون ما يغطي احتياجاتهم الأساسية.. و بدأ بالفقراء ثم ثنى بالمساكين حتى يقول لك ابدأ بالأكثر احتياجًا
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هذا الشرح يرد على أسئلة كثيرة.. هل يجوز أعطي زكاة المال في صورة اجراء عملية جراحية ؟ الإجابة: لو هذه العملية لفقير نعم يجوز..
هل يجوز في صورة سداد مصاريف دراسية؟ يجوز لو مدرسة حكومية تحت بند الفقراء والمساكين..
هل يجوز في صورة شنط رمضان؟ نعم اذا كنا نعطي الشنط للفقراء والمساكين، والشنطة فيها مواد غذائية رئيسية.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

قال تعالى (وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا) 
ما معنى ٱلۡعَٰامِلِينَ عَلَيۡهَا ؟ 
قديمًا في عهد الرسول ﷺ ثم الخلفاء من بعده ﷺ كانت الدولة هي التي تقوم بجمع الزكاة، وهي التي تتولى صرفها في مصارفها الشرعية، فكانت الدولة ترسل ما يطلق عليه: الساعي أو الجابي، فيحصي الأموال الظاهرة التي يستحق عليها الزكاة عند الناس، وهي: الأنعام والزروع والبضائع التي عند التجار، ويحسب الزكاة المستحقة عليها، ويحصلها من أصحابها.
الى جانب هذا الساعي أو الجابي كان هناك: الحاشر، والقاسم، والعريف والحاسب.
اذن كان هناك جهاز اداري كامل يتولى بمهمة جمع وتوزيع أموال الزكاة في الدولة، وجميع رواتب هذا الجهاز الإداري يدفع من زكاة المال تحت اسم (ٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا)
وجعل القرآن العظيم (ٱلۡعَٰامِلِينَ عَلَيۡهَا) من مصارف الزكاة من الرحمة والتيسير في التشريع الإسلامي، لأنه لو لم يكن هناك هذا المصرف كان سيؤخذ من صاحب المال مبلغ آخر لتغطية هذه الأجور، ولذلك جعل القران اجورهم من زكاة المال، لئلا تؤخذ مبالغ أخري من أصحاب الأموال.
ولذلك جعلت الآية (العاملين عليها) هو المصرف الثالث من مصارف الزكاة، بعد الفقراء والمساكين، لأنه لولا وجود هذا المصرف لاختل نظام الزكاة كله.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الآن لا تتدخل الدول غالبًا في موضوع الزكاة، وانما تترك كل واحد يحسب زكاته بنفسه ويخرجها بنفسها، ومع ذلك فان الدول تصرح لبعض الجهات بقبول الزكوات والصدقات وتوزيعها على مستحقيها، وهي ما يطلق عليها الجمعيات والمؤسسات الخيرية، وأصدرت الدولة قوانين لتنظيم عمل هذه الجهات، كما تقوم بمراقبة أعمال هذه الجهات، عن طريق جهازها الإداري، الذي هو في مصر -مثلًا- وزارة التضامن الإجتماعي.
ولذلك فان (العاملون عليها) الآن هم موظفوا الجمعيات والمؤسسات الخيرية، ويدخل فيها أيضًا المصاريف الإدارية لهذه الجهات الخيرية، ولكن بشرط أن تكون هذه الجهة الخيرية مرخص لها من الدولة.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
مرة أخري: الذي عليه الفتوي أن (العاملون عليها) هم موظفوا الجهات الرسمية المرخص لها من الدولة، وليس الأشخاص المتطوعون.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لا يجوز أن يذهب أحدهم الى شيخ المسجد ويقول له: انا اثق بك خد وزع هذه الأموال على المستحقين بمعرفتك، لا يجوز لشيخ المسجد أن ياخد منها شيئًا، ويقول انا من العاملين عليها.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ولذلك من دقة الأداء القرآن أنه -تعالى- قال (وَٱلۡعَٰامِلِينَ عَلَيۡهَا) ولم يقل: وَٱلۡعَٰامِلِينَ فِيهَا، حرف الجر (عَلَيۡهَا) يعنى له ولاية على هذا المال، والولاية لا تكون الا بتفويض من ولى الأمر وهي الدولة.
انما لو أخذت من صديق، أنت وكيل عنه، أنت من ٱلۡعَٰامِلِينَ فِيهَا وليس من ٱلۡعَٰامِلِينَ عَلَيۡهَا.
 من أجل ذلك نقول: العاملون عليها هم الموظفون في جهة رسمية مرخص لها من الدولة، وليس أشخاص متطوعون.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

ويدخل فيها أيضًا المصاريف الإدارية لهذه الجهات الخيرية،
ولكن هذا الإنفاق سواء رواتب أو مصاريف تشغيل له ظوابط: هذه الظوابط هي أن يأخذ الموظف راتبه من أموال الزكاة بالمعروف، بدون مبالغة.
يعنى أن يكون راتبه في نفس مرتب الموظف الذي مثله في شركة مماثلة.
يعنى السكرتيرة في الجمعية الخيرية تأخذ نفس راتب السكرتيرة التي تعمل في أي شركة أخري، بنفس المؤهل، بنفس سنوات الخبرة، بنفس المهارات.
يعنى لو سكرتيرة في جمعية خيرية: المؤهل: ليسانس خدمة اجتماعية، سنوات الخبرة 3 سنوات، لا تجيد التعامل مع برامج الكمبيوتر، عدد ساعات العمل 8 ساعات، يوم واحد إجازة في الأسبوع.
نري كم تتقاضي التي اعمل في وظيفة السكرتيرة في أي شركة من الشركات، بنفس المؤهل، بنفس سنوات الخبرة، تجيد اللغة الإنجليزية، تعمل 8 ساعات في اليوم، تأخذ يوم إجازة في الإسبوع.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يعمل محاسب في أحد الجمعيات الخيرية: معاه بكالوريوس التجارة، سنوات الخبرة 5 سنوات، لا يجيد الإنجليزية، يجيد برنامج الاكسيل، بيعمل الميزانية، يعمل 6 ساعات في اليوم، يأخذ يومين إجازة.
تنظر المحاسب في الشركات الأخرى بنفس الشروط، كم يتقاضي، وهكذا..

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
و نقول لمجالس ادارات الجهات الخيرية، لا تظلم الموظف عندك وتعطيه أقل من غيره في الشركات الأخرى، ولا تعطي -أيضا- الموظف أكثر من مثيله في الشركات الأخرى.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقلنا يدخل فيها المصاريف الإدارية الخاصة لهذه الجهات الخيرية: الايجار الشهري، فواتير الكهرباء والمياه والنظافة، الى آخره، أيضًا بشرط عدم الإسراف في هذه المصاريف.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
سؤال: هل يجوز أن يكون هذا الراتب نسبة، بمعنى أن يكون راتب الموظف نسبة من مبالغ الزكاة التي يقوم بتحصيلها؟ 
نقول نعم بشرط ألا يكون المبلغ الذي يأخذه الموظف كبيرًا جدًا أو مبالغًا فيه، يعنى يكون في حدود المبلغ الذي يتقاضاه الموظف العادي.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
سؤال آخر: هل يجوز إنفاق أموال الزكاة على الإعلانات؟ 
قولًا واحدًا: لا يجوز صرف مبالغ كبيرة على إعلانات الجهات الخيرية. 
أنت تصرف على الإعلانات مليون جنيه، حتى تحصل على تبرعات بـ 2 مليون -مثلًا- أنت بذلك نجحت في ادخال مليون جنيه الى خزينة الجمعية، لكن ولكن أنت -في الحقيقة- أضعت مليون جنيه ذهبت للإعلانات كان أولى بها الفقراء والمساكين.
واعلم: أن المليون جنيه التى أدخلتها خزينة الجمعية، كان صاحبها سيخرجها زكاة مال على كمل خال، كل الذي فعلته -بالإعلان الذي اتكلف مليون جنيه- أنه بدلُا من أن يضع زكاة ماله في جمعية أهري وضعها في جمعيتك أنت.
اذن المحصلة أنك م تزيد زكاة المال التى ستذهب للفقير، ولكنك قللت زكاة المال التى ستذهب للفقير.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن مرة أخري: لا يجوز انفاق مبالغ كبيرة على إعلانات الجمعيات الخيرية.
الإعلانات تكون في أضيق الحدود.
والأفضل أن تستخدم الإعلانات الرخيصة، الإعلان عن طريق اليوتيوب، الفيس بوك، الواتس، انما تصرف ملايين على الإعلانات، وهذه الملايين تحرم بها شخصًا منتظر احراء عملية، أو امرأة محبوسة بسبب دين، هذا حرام حرام حرام.
ولذلك عندما تجد جهة خيرية تقوم بإعلانات بمبالغ ضخمة .. ابعد عنها.. لإن ذلك معناه ان نصف زكاة المال تذهب في الاعلانات.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

والمؤلفة قلوبهم.
إذا راجعنا كتب السيرة نجد أن الرسول ﷺ أعطي من أموال الصدقة ومن الغنائم أموال كثيرة جدًا -مائة من الإبل- لأسماء ليسوا فقراء، بل على العكس، كانوا من كبار تجار الجزيرة العربية: 
"أبو سيفان بن حرب" سيد قريش،  "الأقرع بن حابس" "عيينة بن حصن "،"حويطب بن عبد العزى" "الحارث بن هشام" ،  "حكيم ابن حزام"، "مالك بن عوف" ، "صفوان ابن أمية"، "عبد الرحمن بن يربوع" ، "قيس بن عدى" ، "عمرو ابن مرداس" ، "العلاء بن الحارث" 
كل هذه الأسماء لم يعطهم الرسول ﷺ لأنهم فقراء، بل على العكس، كانوا هم سادة وأغنياء وأثرياء جزيرة العرب.  
ولكن الرسول ﷺ أعطاهم حتى يتألف قلوبهم، يعنى يكف شرهم، ويضمن ولائهم للدولة الإسلامية، خصوصًا أن هذا العطاء كان بعد فتح مكة وغزوة حنين، ودخول الجزيرة العربية في الإسلام، والدولة الاسلامية بدأت تتكون، وأكثر ما تحتاجه الدولة الاسلامية في هذه المرحلة هو الاستقرار، وعدم وجود محاولات للخروج أو الانقلاب عليها. 
ولذلك أعطي أبو بكر للمؤلفة قلوبهم في حدود ضيقة جدًا، ولم يعطِ لا عمر ولا عثمان ولا على أن الدولة الإسلامية أصبحت مستقرة وقوية، وليست في حاجة الى تأليف القلوب لها عن طريق الأموال.  

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن المؤلفة قلوبهم هم الذين ندفع لهم من أموال الزكاة حتى نستميل قلوبهم الى الإسلام، أو نثبتهم على الإسلام، أو نكف شرهم عن الإسلام، أو حتى نكتسب أنصار للإسلام.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
في عصرنا يمكن ان نصرف سهم المؤلفة في تقديم مساعدات للقبائل والشعوب في الدول الفقيرة التي تصلها الارساليات التبشيرية.
يمكن أن نصرف من هذا السهم على الفقراء الذين يدخلون في الإسلام حديثًا، تثبيتًا لقلوبهم على الإسلام.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

في الرقاب.
يعنى أن يشتري عبدًا ثم يعتقه، أو أن يساعد المكاتب بمبلغ من المال، والمكاتب هو العبد الذي يتفق مع سيده على أن يعمل مقابل مبلغ معين.
وهذا يدل على أن نصوص الإسلام كانت تتجه الى الغاء الرق.
الإسلام لم يأتي بإلغاء الرق، لأن هذا كان غير ممكن وغير عادل في ظل تعامل غير المسلمين مع المسلمين بهذا النظام.

ولكن -مرة أخري- نصوص الإسلام كانت تتجه الى الغاء الرق، لأنها وسعت جدًا في العتق، وضيقت جدًا في الاستعباد، لدرجة أن الإسلام جعل العتق أحد مصارف الزكاة.
وعندما أوسع في العتق وأضيق في الاستعباد اذن النتيجة ستكون هي نهاية الرق، ولكن هذا لم يحدث نتيجة عدم التزام المسلمين بتعاليم الإسلام. 
وللأسف نهاية نظام الرق جاء من الدول غير الإسلامية، بل على العكس، آخر الدول الغاءًا للرق كانت الدول الإسلامية، وبضغوط من الدول الغربية، وآخر دولة في العالم ألغت الرق كانت موريتانيا سنة 1981، يعنى تأخرنا كمسلمين حوالى 200 سنة عن العالم.
تأخر المسلمين في الغاء الرق صورة من صور عدم فهمنا لنصوص الإسلام، وعدم عملنا بنصوص الإسلام.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يدخل في فك الرقبة، الأسير: اذا أسر مسلم وطلب العدو فدية يدفع له من مال الزكاة.
وهذا حدث منذ سنوات عندما قام بعض القراصنة بخطف مجموعة من الصيادين المصريين وطلبوا عدة ملايين كفدية، فيجوز اذا وافق ولى الأمر، دفع هذه الفدية من أموال الزكاة


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

الغارمين
هم المدينون: فكل من استدان ولم يستطع سداد الدين، فيجوز أن ندفع له من أموال الزكاة لسداد الدين.
ولكن بشرط أن يكون الدين في غير معصية الله، أما من استدان لمعصية فاذا دفعت له فأنت تعينه على المعصية.
يعنى اذا كان الدين بسبب شرب المخدرات أو لعب القمار فلا يعتبر سداد هذا الدين من مصارف الزكاة، الا اذا تاب عن هذه المعصية.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ولذلك يجب السؤال عن سبب الدين، حتى تتأكد انه لم يستدين لمعصية. 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذا كان الدين لمصلحة الغير، كأن يكون الشخص ضامن لغيره في الدين، فاذا عجز الأصيل عن السداد، يكون الضامن ملتزم بالسداد، فيمكن أن يعطي هذا الضامن من أموال الزكاة، حتى لو كان قادرًا على السداد من ماله، لأنه في هذه الحالة يكون السداد لصالح الأصيل العاجز عن السداد، ولأن هذا الضامن ليس له ذنب في الدين، وحتى نشجعه على الخير.
لكن اذا كان الضامن هو الزوج أو الزوجة سنعتبرهم شخص واحد.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن اذا كان الدين لنفسه فيعطي من زكاة المال بشرط أن يكون غير قادر على السداد.
أما اذا كان الدين للغير فيعطي من زكاة المال سواء كان قادرًا على السداد أو غير قادر على السداد. 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن يجب الى جانب التأكد من وجود الدين يجب عمل بحث اجتماعي للتأكد من عدم قدرة المدين على السداد.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ويجب أن يكون هناك ما يثبت وجود الدين، لا أقوم بسداد دين لشخص يدعي أنه اقترض من جاره أو صديقه.
ووسائل اثبات الدين هو وجود ايصالات أمانة أو شيكات.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وحتى نتأكد من صحة هذه المستندات أو انها ليست مستندات صورية، لابد ان يكون الدائن قد قام بتحريك قضية بموجب هذه المستندات.
الأولوية دائمًا للغارم المحبوس، الموجود داخل السجن بسبب عدم قدرته على سداد الدين.
ثم للغارم الذي صدر ضده حكم نهائي، ولم يتم القبض عليه، يعنى هارب.
ثم للغارم الذي لم يصدر ضده حكم نهائي، يعنى القضية في مرحلة من مراحل التقاضي.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

الأولوية كذلك للمحكوم عليه بسنوات أطول من غيره.
يعنى اذا كان هناك محكوم عليه بسبب دين لمدة ثلاثة سنوات، أولى من المحكوم عليه لمدة سنة مثلًا.
والمتقدم في السن أولى من الأصغر سنًا.
والمريض أولى من الصحيح.
والذي يعول أسرة سواء رجل أو امرأة أولى من الذي لا يعول أسرة.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ننصح الجهات الخيرية أن تعطي نقاط أو وزن لكل عامل من هذه العوامل.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ينصح عند سداد الدين الاستعانة بأحد المحامين لإنهاء الإجراءات، وأهم خطوة أن يأخذ المحامي طرفك من الدائن توكيل للتناول عن القضية..
ينصح عند سداد الدين أن تأخذ من الدائن اقرار بعدم وجود ديون أخري ضد المدين، لأن كثير من التجار عند بيع أجهزة كهربائية -مثلًا- بالتقسيط يجعل المدين يكتب على نفسه عدد من ايصالات الأمانة على بياض، طبعًا قبول المشتري لتحرير عدد من ايصالات الأمانة على بياض هذه حماقة، ولكن هذا هو الذي يحدث، فاذا عجز المشتري عن السداد يقوم التاجر برفع قضية بأيصال واحد فقط، ويظل محتفظًا ببقية الإيصالات.. فيجب عند سداد الدين لهذا التاجر، أن تأخذ منه اقرار بعدم وجود ديون أخري طرفه على هذا المدين. 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يمكن أن يكون الدين في صورة مستحقات لشركة الكهرباء أو شركة المياه، يمكن أن يكون ايجار متأخر، يمكن ان يكون مبالغ مستحقة للبقالة أو الصيدلية.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
سؤال عن سداد دين من يحرق البضاعة.
حرق البضاعة هو تعبير يستخدم في مصر، ومعناه أن يقوم شخص في حاجة الى المال بشراء سلعة بالتقسيط، ثم يقوم ببيعها بدون تقسيط، ليحصل على المال حالًا.
يعنى شخص في يشتري بضاعة بالتقسيط بعشرة آلاف جنيه -مثلًا- على ان يدفع في الشهر ألف جنيه لمدة عشرة أشهر، ثم باعها الى شخص آخر "كاش" بثمانية آلاف جنيه، ثم لا يستطيع أن يسدد الأقساط التي عليه.
نقول هذا شخص أحمق، لأنه استدان وهو يعلم أنه لن يستطيع سداد الدين، وقال تعالى (ولا تؤتوا السفاء أموالكم) 
ومع ذلك بعض الذين يقومون بهذا الأمر معذورون، يعنى مثلًا: سيدة استدانت حتى تطعم أبناءها المعاقين.
امرأة استدانت حتى تزوج ابنتها.
رجل استدان حتى يعالج أمه أو ابنه.
فهؤلاء بالرغم من أنهم استدانوا عن طريق حرق بضاعة.. فنحن نعذرهم.. 


(وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ)
جمهور الفقهاء -يعنى أغلب الفقهاء- قالوا أن المقصود بقوله تعالى (وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ) يعنى النفقة على القتال والجهاد ِفي سَبِيلِ ٱللَّهِ، لأن أكثر ما استعمل القرآن هذا التعبير في الغزو والقتال، ولذلك فهو المعنى الذي يتبادر الى الذهن عند سماع هذه الكلمة.
ولذلك نقول ياريت حكومات الدول الإسلامية تفتح باب التبرع للإنفاق على الجيوش، لأن هذا أحد مصارف الزكاة باتفقاء الفقهاء، خاصة أن تجهيز الجيوش وشراء أو تصنيع الأسلحة يحتاج الى مبالغ ضخمة يثقل ميزانية أي دولة، يبقي أنا لما أفتح هذا الباب للتبرع أنا أقوي جيوش المسلمين.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

وتوسع البعض في لفظ (فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ) فقالوا ليس المقصود به فقط الجهاد العسكري فقط، ولكن يدخل فيه أيضًا جهاد الكلمة وجهاد الدعوة الى الله، وقالوا أن الدعوة الى الله هي جهاد العصر، لأن الهدف من القتال قديمًا كان هو إيصال دعوة الإسلام، فاذا كان إيصال دعوة الى الإسلام متاحًا الآن عن طريق وسائل الاتصال، فان الدعوة الى الإسلام الآن هي جهاد هذا العصر.
وقالوا روي أحمد والنسائي، وصححه الحاكم، عن أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ولذلك قالوا إنه يجوز الأنفاق من زكاة المال على انشاء المراكز الإسلامية والدعوية في الدول الغير اسلامية، انشاء محطات فضائية إسلامية، أو اذاعات إسلامية، أو على مواقع اسلامية على شبكة الإنترنت، طباعة كتب وصحف ومجلات ومطويات إسلامية بلغات اجنبية، ممكن اعلانات في هذه الدول، الإنفاق على الدعاة، تعليم الدعاة لغات اجنبية، تدريب الدعاة على الدعوة عن طريق النت، وهكذا.. أي إنفاق لدعوة غير المسلمين الى الإسلام، هو -على حسب هذا الرأي- انقاق في سبيل الله، وهو -على حسب هذا الرأي- من مصارف الزكاة.
وهذا الرأي صدر عن "المجمع الفقهي الإسلامي"  
 


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

الرأي الثالث: توسع أكثر في لفظ (فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ) ليشمل كل مصالح المسلمين سواء بناء مدارس وتجهيزها، بناء مستشفيات وتجهيزها من أجهزة طبية وخلافه، بناء مساجد، انشاء طرق،  شراء أكفان أو سيارة تكريم الموتي، كل ما فيه مصلحة عامة للمسلمين يدخل تحت بند (فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ)
لو اشتريت احتياج عيني، يعنى لو اشتريت مثلًا جهاز طبي لمستشفي، اطلب عروض الأسعار.. اطلب ان يعطوط صورة فاتورة الشراء، وتكون فاتورة ضريبية معتمدة، وليست بيان أسعار، أطلب صورة من اذن دخول الجهاز الى المخزن، حتى تتاكد انهم اشتروا ودخلوها المستشفى، اطلب اذن الخروج من المخزن، حتى تتأكد انهم كانوا محتاجين هذا الجهاز بالفعل.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن هناك ثلاثة آراء:
الراي الأول: المراد بمصرف سبيل الله هو الغزو والقتال، وهذه عليه جمهور الفقهاء.
الراي الثاني: قالوا أن في سبيل الله يشمل الغزو وأيضًا جهاد الدعوة الى الله.
الراي الثالث قال أن "في سبيل الله" هو الغزو والقتال، ويشمل كل المصالح العامة، وهذا قول بعض المعاصرين. 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
والأحوط هو الأخذ براي الجمهور، وهو الإنفاق على المنافع العامة من الصدقات وليس من الزكاة المفروضة
وإذا اخترت الإنفاق على المنافع العامة من زكاة المال -أخذًا براي من قال بجواز ذلك- فيكون بنسبة ليست كبيرة من زكاة المال.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ابن السبيل
السبيل هو الطريق، وابن السبيل يعنى ابن الطريق
هو المسافر او هو الغريب عن البلد، ويريد أن يعود الى وطنه، وليس معه ما يوصله الى بلده، فنعطي له من زكاة المال ما يُوصله إلى بلده.
بشرط ان يكون السفر في غير معصية، أو أن السفر كان في معصية وتاب عن المعصية.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

سؤال هل يجب قسمة زكاة المال على هذه المصارف الثمانية؟
بعض العلماء منهم الشافعي وعكرمة والزهري الى أنه يجب تقسيم زكاة المال على هذه الأجزاء الثمانية، الا اذا استغني جزء فيدفع الى الآخرين.
والجمهور منهم عمر وابن عباس ومالك وأبو حنيفة الى أنه يجوز الصرف في مصرف واحد.

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇