Untitled Document

عدد المشاهدات : 261

الحلقة (498) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تفسير وتدبر الآيتين (70) و (71) من سورة "الأنْفًال" (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل ……

الحلقة رقم (498)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الآيتين (70) و (71) من سورة "الأنْفًال" ص 186

        

(يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّمَن فِيٓ أَيۡدِيكُم مِّنَ ٱلۡأَسۡرَىٰٓ إِن يَعۡلَمِ ٱللَّهُ فِي قُلُوبِكُمۡ خَيۡرٗا يُؤۡتِكُمۡ خَيۡرٗا مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ﴿٧٠﴾ وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدۡ خَانُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ فَأَمۡكَنَ مِنۡهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٧١﴾ 

        

قلنا من قبل أن الرسول اختار ألا يقتل أسري بدر من المشركين -وكان عددهم سبعون اسيرًا- وأن يقبل فيهم الفداء، يعنى كل واحد يدفع مبلغ من المال مقابل أن يطلق سراحه.
وقلنا أن مقادر هذا المال كان من ألف دينار الى أربعة آلاف دينار، على حسب يسر الأسير أو عسره.
فهناك من يدفع ألف وهناك من يدفع ألفين أو ثلاثة أو ثلاثة آلاف وخمسمائة أو أربعة، وهكذا، على حسب يسر الأسير أو عسره.

        

لو حسبنا هذا المبلغ: 
وسنقيم مبلغ الفداء بالدولار الأمريكي حتى يستطيع كل واحد أن يحسب مبلغ الفداء على عملة بلده.
الدينار في زمن الرسول ﷺ كان وزنة 4.25 جرام من الذهب عيار 24
سعر جرام الذهب اليوم عيار 24 ونحن في فبراير 2023 هو: 61.95 دولار
اذن مبلغ الفداء يتراوح ما بين 263.000 دولار الى 1,053,000 دولار

        

وقلنا أنه كان من بين الأسري "العباس" عم النبي ﷺ.
فلما وجد العباس أنه سيدفع كل هذا المال، فقال للرسول ﷺ: يا رسول الله! قد كنت مسلماً، وأخرجت مكرهاً. 
فقال الرسول ﷺ:
"الله أعلم بإسلامك، فإن يكن كما تقول، فإن الله يجزيك، وأما ظاهرك فقد كان علينا"
ثم قال له الرسول ﷺ: افتد نفسك وأبني أخيك: َنوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وعقيل بن أبى طالب، وحليفك عتبة بن عمرو.
وجد العباس نفسه سيدفع ما يعادل الآن أكثر من 4.200.000 دولار
فقال العباس: ما ذاك عندى يا رسول الله.
فقال له الرسول ﷺ:
فاين الذي دفنته أنت وأم الفضل، وقلت لها: إن أصبت فى سفرى هذا، فهذا المال الذى دفنته لبنىّ: الفضل، وعبد الله، و قُثَم ؟
قال العباس: وما يدريك ؟ هذا أمر ما علمه أحد غيرى وغير أم الفضل!
فقال الرسول ﷺ:
أخبرني به ربي.
فقال العباس: والله يا رسول الله، إني لأعلم أنك رسول الله.
        

ثم قال العباس: فاحسب لى يا رسول الله ما أصبتم منى، عشرين أوقية كانت معي. 
فقال الرسول ﷺ
"لا ، ذاك شئ خرجت لتستعين به علينا"
الأوقية حوالى 200 جرام ذهب، يعنى العشرين أوقية حوالى ربع مليون دولار.
اذن ما خسره العباس حوالى 4.5 مليون دولار.
135.000.000 جنيه مصري.
ولذلك قال العباس للرسول ﷺ: والله يا رسول الله قد تركتني فقيراً أتكفف قريشًا ما بقيت.

كأن الرسول ﷺ يريد أن يعاقب العباس على تأخر هجرته، هو يعلم أن العباس أسلم أو يميل قلبه الى الإسلام، ولكن العباس لا يريد أن يفقد أمواله وتجارته
        

وفى صحيح البخاري " عن أنس: أن رجالاً من الأنصار قالوا: يا رسول الله ائنذن لنا فلنترك لابن أختنا العباس فداءه .
لأن أم "عبد المطلب" جد الرسول أو أبو العباس من بنى النجار من الخزرج من أهل المدينة.
فقال الرسول ﷺ: "
لا والله! لا تذرون منها درهما"


        

يقول تعالى (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّمَن فِيٓ أَيۡدِيكُم مِّنَ ٱلۡأَسۡرَىٰٓ إِن يَعۡلَمِ ٱللَّهُ فِي قُلُوبِكُمۡ خَيۡرا) 
(خَيۡرا) يعنى في قلبه الإسلام، ولكنه خرجًا للحرب رغمًا عمه، كما كان العباس يقول.
أو
(خَيۡرا) رغبة في ترك الكفر والدخول في الاسلام.
        

(يُؤۡتِكُمۡ خَيۡرٗا مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ﴿٧٠﴾
يعنى يخلف لكم في الدنيا ما أخذ منكم، ويغفر لكم ذنوبكم.
هذا حض لهم وتشجيع لهم على الدخول في الإسلام، وهذا من رحمة الله تعالى بهم.
كان العباس يقول:
أعطاني الله خيرًا من الذهب الذي ما أخذ منى، وأعطاني زمزم، وما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة، وأنا أنتظر المغفرة من ربي .
        

(وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدۡ خَانُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ فَأَمۡكَنَ مِنۡهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٧١﴾
العادة في ذلك الوقت عندما يطق سراح اسير أن يؤخذ عليه العهد، ألا يعود الى حربه مرة أخري.
فعندما قبل الرسول الفداء في اسري بدر، أخذ عليهم العهد ألا يعودوا الى محاربة المسلمين مرة أخري
فقال تعالى
(وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ) يعنى ان عادوا الى قتالك بعد أن عاهدوك على عدم القتال.
(فَقَدۡ خَانُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ) يعنى فهؤلاء قد خَانُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ بالكفر 
(فَأَمۡكَنَ مِنۡهُمۡ) يعنى فَأَمۡكَنَكم مِنۡهُمۡ، ووقعوا في الأسر.
        

اذن الآية فيها ثلاثة رسائل:
الرسالة الأولى للرسول ﷺ: يعنى توقع قوع الخيانة من هؤلاء، وأنهم سيعودوا الى قتالك، لأنهم قد خَانُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ بالكفر، واذا كانوا قد خَانُواْ ٱللَّهَ فمن المنتظر منهم أن يخونك بأن يعودوا الى قتالك.
الرسالة الثانية: لا تخشي -يا محمد من خيانتهم، لأنهم عندما خَانُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ أمكنكم منهم، واذا عادوا الى الخيانة فسيمكن منهم مرة أخري.
الرسالة الثالثة: تهديد للمشركين اذا عدتم لقتال المسلمين، فسيمكنهم الله منكم،كما مكنهم من قبل.
وفي النهاية هي رسالة تطمين للمسلمن بصفة عامة في كل وقت بان الله تعالى معهم وناصرهم على أعدائهم.

        

 ثم قال تعالى (وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) يعنى (عَلِيمٌ) بنياتهم وبما في قلوبهم (حَكِيمٌ) يضع كل شيء في موضعه، فينصر المؤمنين ويظهرهم على الكافرين.

 

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇