Untitled Document

عدد المشاهدات : 1947

حكم اخراج الزكاة 10% من عائد الأموال المودعة في البنك بدلًا من اخراج 2.5% على أصل المبلغ؟

السؤال: ما هو حكم اخراج الزكاة 10% من عائد الأموال المودعة في البنك بدلًا من اخراج 2.5% على أصل المبلغ؟
        

نحن نعلم أن زكاة المال هي ربع العشر أي: 2.5% وتكون على المبلغ إذا بلغ نصابًا، يعنى إذا وصل المبلغ الى ما يعادل 85 جرام ذهب عيار 21، وبشرط أن يحول عليه الحول، أي تمر سنة هجرية كاملة وهذا المال في حوزتي.
مع ملاحظة أن يكون الحساب بالسنة الهجرية وليست الميلادية، لأن هناك فرق بين السنة الهجرية والميلادية 11 أو 12 يوم.

        

ما الفرق بين 2.5% على أصل المبلغ المودع في البنك و10% على عائد المال المودع في البنك.
لنفرض أن أحدهم يملك مليون جنيه وقد أودعها في أحد البنوك، فان زكاة المال على المليون جنيه اذا مرت عليها سنة هجرية كاملة 25.000 جنيه. 
أما لو أخذنا بالفتوي الثانية فان عائد المليون جنيه في السنة لنفرض 100.000 جنيه،  اذن حساب زكاة المال 10% على الـ 100.000 جنيه، أي 10.000 جنيه، اذن بدلًا من اخراج 25.000 جنيه ستقوم باخراج 10.000 جنيه.

        

هناك ثلاثة تعليقات بالنسبة لهذه الفتوي:
التعليق الأول: أن الكثيرين أخذ هذه الفتوي على جميع الأموال المودعة في البنك، مع أن الفتوي خاصة فقط بالمال المودع في البنك الذي يتعيش منه صاحبه، يعنى مثلًا أرملة عندها مبلغ في البنك يدر عائد شهري 2000 جنيه، وهي تنفق في الشهر 2000 جنيه، فحتى تخرج زكاة المال لابد أن تأخذ من أصل المبلغ المودع في البنك، وبالتالي بمرور السنين سيقل هذا المبلغ المودع في البنك حتى ينتهي، ولا يكون عندها ما تنفق منه على نفسها.
فإذن الفتوي ليست خاصة بجميع الأموال المودعة في البنك، ولكنها خاصة بحالة معينة، وهي حالة المال المودع في البنك الذي يتعيش منه صاحبه.

        

التعليق الثاني وهو التعليق الأهم: أن هذه الفتوي مبنية على القياس. 
والقياس هو ان تعطي حكم في مسألة لم يرد فيها نص بنفس حكم مسألة اخري ورد فيها نص لتشابه بينهما، كما نحكم بان شرب المخدرات حرام، قياسًا على حرمة شرب الخمر، لأن المخدرات تذهب العقل كما ان الخمر تذهب العقل.
هنا نجد أن صاحب فتوي الـ 10% قاس المال المودع في البنك، بالأرض الزراعية على أن أساس أنَّ كلًّا منهما أصل ثابت يُدِرُّ دخلًا يتعيَّش منه صاحبه.
والقياس أحد مصادر التشريع الاسلامي، ولكنه المصدر الرابع من مصادر التشريع الاسلامي، ما معنى المصدر الرابع ؟ يعنى القياس يأتي بعد القرآن والسنة الصحيحة والاجماع، لا يجوز أن أقيس إذا كان هناك نص في القرآن أو السنة الصحيحة.
وقد قلنا في بداية تعريف القياس ان تعطي حكم في مسألة لم يرد فيها نص ....  
هل عندي نص بخصوص الزكاة 2.5% ؟ عندي نصوص وليس نصًا واحدًا مثل الحديث الذي رواه البخاري "
وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ" والرِّقَّةِ هي الفضة. ومثل الحديث الصحيح أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا فَصَاعِدًا نِصْفَ دِينَارٍ" 
لذلك فقياس الأموال بالأرض الزراعية قياس باطل، لأنه قياس في مقابلة النص، أو قياس مع وجود نص، فلا يجوز أن أقيس مع وجود النص، ولا يجوز أن أجتهد اذا كان هناك نص.
لو قسنا مع وجود النص، معنى هذا أن المرأة لا تقضي صيامها قياسًا على أنها لا تقضي صلاتها.


        

نقطة اخري فان زكاة الزروع والثمار 10% لو تسقي بماء المطر، و5% لو تسقي بالآلة، لماذا اخترت 10% ولم تختار 5% ؟
ولماذا قستها على زكاة الزروع والثمار ؟ لماذا لم تقسها على زكاة الأنعام ؟ فالاثنين أصل ثابت يُدِرُّ دخلًا يتعيَّش منه صاحبه.

        

التعليق الثالث أن هذه الفتوي قال بها فضيلة الدكتور "عبد الله المشد" رحمه الله، وهذا الرأي انفرد به فضيلة الدكتور، وهو رأي رفضه أعضاء مجمع البحوث الاسلامية، وأصدر المجمع بيانًا في ذلك أكد فيه أن الزكاة على ودائع البنوك هي ربع العشر أو 2.5% وليس من المقبول الأخذ برأي واحد -مهما كان ثقله العلمي- وأترك رأي جمهور العلماء.
        

أخيرًا لو أخرجت 2.5% أو 5% أو 20% فلن يقل مالك. يقول الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيهِنَّ، مَا نَقَصَ مَالُ عَبدٍ مِن صَدَقَةٍ .....)
احنا نقول أخرج زكاة مالك وبعد ذلك تصدق حتى تدخل في مرتبة الاحسان.

فالله –سبحانه وتعالى- عندما تكلم عن أعمال المحسنين قال (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)  لم يقل كما جاء في آية أخري (حَقٌّ مَعْلُوم ٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) حق معلوم اي الـ 2.5% لكن لو أردت أن تدخل في مرتبة الاحسان لابد ان تزيد عن الـ 2.5 %