Untitled Document

عدد المشاهدات : 457

الحلقة (424) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم تدبر الآيات من (154) الى (157) من سورة "الأَنْعَام" (ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا...

الحلقة (424)
تدبر الآيات من (154) الى (157) من سورة "الأَنْعَام" (ص 149)

        

(ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آَيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (157) 


        

(ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) 
(ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ) 
يعنى (ثُمَّ) قل لهم يا محمد: أننا آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ، وٱلْكِتَابَ هو التوراة التى أنزلت على موسي -عَلَيْهِ السَّلامُ-
(تَمَاماً عَلَى ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ) يعنى نزول التوراة كان (تَمَاماً) يعنى كان تتمة لنعمتنا وفضلنا (عَلَى ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ) يعنى على عبادنا المحسنين الصالحين.
كما قال تعالى في سورة المائدة ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي)
فقوله تعالى
(تَمَاماً عَلَى ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ) يعنى نزول التوراة كان تتمة لنعمتنا وفضلنا على عبادنا المحسنين الصالحين.
وقال البعض:
(تَمَاماً عَلَى ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ) يعني تتمة للنعمة والكرامة (عَلَى ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ) وهو موسي -عَلَيْهِ السَّلامُ-
والآية تحتمل المعنيين أن نزول التورة كان (تَمَاماً)  كان تتمة للنعمة والفضل والكرامة لموسى -عَلَيْهِ السَّلامُ- وللمؤمنين المحسنين من قوم موسي.

        

(وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ) يعنى وفي التوراة التفصيل لكل شيء من أمور دينهم ودنياهم.
كما قال تعالي (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْ)

        

(وَهُدًى وَرَحْمَةً( 
يعنى التوراة فيها الهداية الى الطريق الحق، وفيها الرحمة من الله تعالى لمن عمل بها.
قال بعض العلماء أن أفضل الكتب التى أنزلت على الأنبياء قبل القرآن العظيم هي التوراة، وأكمل الشرائع التى انزلت على الأنبياء قبل الرسول ﷺ هي شريعة موسي -عَلَيْهِ السَّلامُ-

        

)لَّعَلَّهُمْ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ)
)لَّعَلَّهُمْ) تعود الى بنى اسرائيل، يعنى حتى يؤمنوا بِلِقَآءِ الله تعالى يوم القيامة، وما فيه من ثواب وعقاب.
لأن طالما أن لقاء الله حاضر في العقل فلابد أنك ستسعد لهذا اللقاء، والانحراف يكون دائمًا حين ننسي لقاء الله تعالى. 

        

(وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ مُبَارَكٌ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)
(وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ) وهو القرآن الكريم.
والخطاب لليهود وغيرهم، ويعنى والآن جاء الكتاب الناسخ للتوراة وهو هذا الكتاب العظيم: وهو القرآن الكريم.

وكلمة (كِتَاب) تدل على أنه بلغ من نفاسته أن الذي فيه يجب أن يُكتَب ويسجَّل؛ لأن الإنسان لا يُسجل ولا يكتب إلا الشيء النافع، إنما اللغو لا يهتم بكتابته.
(وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ مُبَارَكٌ) يعنى أَنزَلْنَـٰهُ فيه الخيرات الكثيرة.
والحديث عن بركة القرآن لا ينتهي
ومن بركة القرآن أنك إذا قرأت القرآن فلك بكل حرف تقرأه حسنة والحسنة بعشر أمثالها.
ومن بركة القرآن أن كل يوم له عطاء جديد، فبرغم وجود الآلاف من كتب التفسير، فانه لا يزال المفسرون يأتون الى الآن بمعاني جديدة لآيات القرآن العظيم.

        

(فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)
(فَٱتَّبِعُوهُ) يعنى فاتبعوا ما في القرآن من الأوامر والنواهى والأحكام.
(وَٱتَّقُواْ) يعنى وَٱتَّقُواْ مخالفة القرآن. 
وقال (وَٱتَّقُواْ) بعد (فَٱتَّبِعُوهُ) لأن الاتباع يقتضي المراقبة.

        

(لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) يعنى حتى يرحمكم الله تعالى.
قلنا من قبل أن "لَعَلَّ" من البشر تأتي للرجاء، كما تقول "لعلي أفعل لك كذا" فقد أفعل وقد لا أفعل، لأن ممكن يحدث ظرف يمنعني عن الفعل، أما "لَعَلَّ" من الله فأنها لا تأتي للرجاء ولكنها تأتي للتحقيق، لأنه ليس من الوارد أن يحدث ظرف يمنع الله من الفعل، فالله هو خالق الظروف.
فحين يقول تعالى (فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)
يعنى إذا اتبعتم القرآن العظيم، واتقيتم مخالفته فإنكم سترحمون.


        

 (أَن تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أُنزِلَ ٱلْكِتَابُ عَلَىٰ طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156)
 يعنى أنزلنا الكتاب وهو القرآن (أَن تَقُولُوۤاْ) كي لا تَقُولُوۤاْ
مثل قوله تعالي (وَجَعَلْنَا فِى ٱلْأَرْضِ رَوَٰسِىَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ) يعنى: كي لا تَمِيدَ بِهِمْ. 

(إِنَّمَآ أُنزِلَ ٱلْكِتَابُ عَلَىٰ طائفتين مِن قَبْلِنَا) يعنى لم ينزل علينا كتاب، وانما أنزلت الكتب، وهي التوراة والانجيل والزبور وغيرها من الكتب (عَلَىٰ طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا) وهم اليهود والنصاري.

        

(وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ) وكنا عن دراسة هذه الكتب غافلين، لأنها لم تنزل علينا، ولم نؤمر بما فيها، ونزلت بلغة غير لغتنا، وفي بلاد بعيدة عن بلادنا، ونحن أمة أمية لا تعرف القراءة والكتابة.


        

(أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْكِتَابُ لَكُنَّآ أَهْدَىٰ مِنْهُمْ فَقَدْ جَآءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي ٱلَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ  (157) 
(أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْكِتَابُ لَكُنَّآ أَهْدَىٰ مِنْهُمْ) 
أَوْ تَقُولُواْ لَوْ أَنَّآ أُنزِلَ عَلَيْنَا كتاب كما أنزل اليهود والنصاري 
(لَكُنَّآ أَهْدَىٰ مِنْهُمْ) لَكُنَّآ أَهْدَىٰ مِنْ اليهود والنصاري.

        

(فَقَدْ جَآءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ) 
يعنى ليس لديكم حجة، فَقَدْ جَآءَكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ (بَيِّنَةٌ) وهو القرآن العظيم، ووصف القرآن العظيم بالبينة يعنى كتاب واضح، وكتاب يوضح الحق والباطل، وقيل البَيِّنَةٌ هو الرسول ﷺ والمعنى واحد.
(وَهُدًى وَرَحْمَةٌ) وهداية الى الطريق الحق، ورحمة لمن يعمل به.

        

(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا) 
(فَمَنْ أَظْلَمُ) يعنى لا أحد أكثر ظلمًا.
(مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ) يعنى مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ القرآن العظيم، والتكذيب بالقرآن العظيم يعنى تكذيب أن هذا القرآن جاء من عند الله تعالى وأن محمد ﷺ قد جاء به من عند نفسه.

        

(وَصَدَفَ عَنْهَا) أصل صدف من الصدفة، والصدفة هي المادة التى تفرزها حلزونيات البحر حتى تختبأ بداخلها، وتعزل نفسها عن المحيط الذي حولها.
فأخذ منها "صدف عن كذا" يعنى ابتعد وأعرض وانصرف عن كذا، هنا يقول تعالى (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا) يعنى لا أحد أكثر ظلمًا مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وانصرف عَنْهَا. 
أيضًا (صَدَفَ عَنْهَا) يعنى صرف الناس عنها فجمع بين الضلال والإضلال.

        

(سَنَجْزِي ٱلَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ)  
(سَنَجْزِي ٱلَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا)
سَنَجْزِي ٱلَّذِينَ ينصرفون عن آياتنا، ويَصْرفُونَ الناس عَنْ الايمان  بآيَاتِنَا 
(سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ) بأسوأ وأشد أنواع ٱلْعَذَابِ 
(بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ) بسبب انصرافهم وصرفهم الناس عن الايمان بآيات القرآن العظيم.


❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇