Untitled Document

عدد المشاهدات : 557

الحلقة (376) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تدبر الآيات من (111) الى (115) من سورة "المائدة" قول الله -تَعَالي- (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ...

تَدَبُر القُرْآن العَظِيم
الحلقة (376)
تدبر الآيات من (111) الى (115) من سورة "المائدة" (ص 126)

        

(وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115) 


        

(وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111)
(وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ)
ما هم (الْحَوَارِيِّينَ) ؟
الْحَوَارِيون جمع "حَواريُّ" وهو لغة: هو اللون الأبيض النقي اللون، ويطلق على خاصة وصفوة الأنبياء.
فالمقصود بالحواريين هنا هم خاصة وصفوة أصحاب عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ-

(وَإِذْ أَوْحَيْتُ) الوحي لغة هو الاعلام بخفاء
وليس المقصود بالوحي هنا هو الذي يكون للأنبياء بواسطة جبريل -عَلَيْهِ السَّلامُ- ، ولكن المقصود هو وحي الالهام، كما في قوله تعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ) وفي قوله تعالى (وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ أَنِ ٱتَّخِذِى مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ)

        

اذن قوله تعالى (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي) يعنى أن الله تعالى قد ألهم الْحَوَارِيِّينَ وقذف في قلوبهم الايمان به تعالى وبرسوله عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ-
        

(قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ)
(قَالُوا آَمَنَّا) أي قَالُوا آَمَنَّا بالله وآمنا برسوله عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ-
(وَاشْهَدْ) أي وَاشْهَد يا رب وَاشْهَدْ يا عِيسَى.
(بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ) أي: بِأَنَّنَا مستسلمون ومطيعون لله تعالى.

        

(إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112)
هذه قصة المائدة، واليها تنسب السورة، فنقول "سورة المائدة" وقصة المائدة غير موجودة في الاناجيل، ولا يعلم بها الناصري الا من خلال القرآن الكريم.
يقول تعالى (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) وهذا يدل على أن الْحَوَارِيُّونَ لم يكن أحد منهم يقول أن عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ- هو اله أو ابن اله أو جزء من اله، ولذلك ينادونه باسمه (يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ)

        

يقول تعالى (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ)
الكثير يتوقف أمام هذه الآية ويقول هل قول الْحَوَارِيُّونَ (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ) أنهم يشكون في قدرة الله تعالى على يُنَزِّلَ عَلَيْهم مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ؟ نقول: هذا أمر مستبعد، لأن الْحَوَارِيُّونَ –كما قلنا- هم خاصة أصحاب عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ-
ولكن قولهم (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ) من باب الأدب مع الله تعالى.
مثال: واحد معاه حاجة ثقيلة ومر به شاب، ماذا سيقول له ؟ تقدر تشيل معيا دي ؟ ولا حيقول له: شيل معايا دي.
تقدر تيجي معايا المشوار ده ؟ ولا حتقول: تعالا معيا المشوار ده ؟
اذن من باب الأدب أن تقول: تقدر تعمل كذا.

اذن قول الْحَوَارِيُّونَ لعِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ- (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ) ليس شكًا في قدرة الله تعالى، ولكنه من باب التلطف والأدب مع الله تعالى.

        

وقرأت (هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ) 
وتقرأ (هَتَسْتَطِيعُ) فتضغم اللام مع التاء.
يعنى هَلْ تَسْتَطِيعُ أن تطلب من رَبَكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ.

        

المهم أن قول الْحَوَارِيُّونَ (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ) لا تعنى أبدًا أنهم يشكون في استطاعة الله تعالى، لأن الْحَوَارِيُّونَ –كما قلنا- هم خاصة أتباع أصحاب عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ-
وانما هي اما من باب الأدب مع الله، أو أن المخاطب بذلك هو عيسي وليس الله سبحانه تعالى.

        

(هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ)
هناك في اللغة (مَائِدَةً) وهناك الخوان
فالخوان هو المنضدة التي يوضع عليها الطعام، فاذا وضع عليها الطعام تسمي "مَائِدَةً" كأنها ستميد أي تتحرك اذا وضع عليها الطعام، أو أنها ستمد يعنى ستعطي من يجلس عليها بالطعام 
فالمائدة: هي الخوان اذا كان عليه طعام.

        

(قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)
قَالَ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ- للحَوَارِيُّونَ: اتَّقُوا اللَّهَ
يعنى ما جئتكم به من الآيات فيه الكفاية فلا تقترحوا أنتم آيات على الله تعالى.


        

(قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113)
بين الحواريون سبب طلبهم أن يُنَزِّلَ الله عَلَيْهم مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ، فذكروا أربعة اسباب:
(قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا) 
وهذا اما يعنى أنهم بالفعل جوعي ويريدون أن يأكلوا، وقد قيل أن عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ- قد خرج وخرج معه الناس فوقعوا في مفازة ولم يكن معهم طعام.
أو أن قولهم (نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا) لا لحاجة الى الطعام، ولكن حتى ينالوا بركة وشرف الأكل مِنَ مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ.

        

(وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا) يعنى ونُرِيدُ أن نترقى في الايمان بالله حتى نصل الى درجة اطمئنان وسكينة القلب.
وهي الدرجة التى طلبها إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلامُ- عندما قال (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ) فقَالَ تعالى (أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)
وهي درجة أن ينتقل من علم اليقين الى عين اليقين.

        

(وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا) يعنى ونزداد علمًا ونزداد يقينًا أَنْك قَدْ صَدَقْتَنَا في أنك رسول.
(وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ) يعنى وَنَكُونَ مِنَ الشَّاهِدِينَ على هذه الآية عند من لم يراها من بنى اسرائيل.

        

اذن بين الحواريون لعيسي -عَلَيْهِ السَّلامُ- أن طلبهم المائدة ليس تعنتًا منهم، ولكن ليحصلوا على البركة بالأكل منها، وحتى يزدادوا ايمانًا ويقينًا، وحتى يشهدوا عليها أمام الذين لم يحضروا نزولها من بنى اسرائيل.
        

(قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) 
قيل أن عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ- اغتسل، ولبس المُسوح –يعنى ثيابًا خشنة تواضعًا وتذللًا لله تعالى- مثل تحويل الرداء عندنا في صلاة الاستسقاء- وصلى ركعتين، وطأطأ رأسه وبكي، ثم قال (اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ)
وهذا يعلمنا آداب الدعاء لله تعالى.

        

(اللَّهُمَّ رَبَّنَا) من أسباب اجابة الدعاء أن تبدأ دعائك بقولك (اللَّهُمَّ رَبَّنَا) لأنه نداء يجمع بين الألوهية والربوبية.
وكلمة (اللَّهُمَّ) يعنى يا الله، ولذلك فلا يجوز قول يا اللَّهُمَّ.
ثم حذف حرف النداء وعوض عنها بالميم التي في آخرها، كأنه لا يوسط بين العبد وبين ربه أي حرف من حروف النداء.
والله هو اسم الله الأعظم، لأنه الاسم الذي يجمع كل صفات الله، فاذا بدأت دعائك بقولك (اللَّهُمَّ رَبَّنَا) فأنت دعوت باسم الله الأعظم الذي اذا دعوت به استجاب لك الله تعالى

        

(اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا) 
عِيدًا يعنى فرحة وسرور، وسمي العيد عيدًا لأنه يعود كل عام، وقيل أنها نزلت يوم الأحد، ولذلك اتخذ النصاري يوم الأحد عيدًا
و
(لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا) يعنى عِيدًا لمن في زماننا، وعِيدًا لمن سيأتون بعدنا. 
(وَآَيَةً مِنْكَ) علامة مِنْكَ على صدقة نبوتي.  

        

(وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ) 
هنا الفرق بين كلام الحواريون ودعاء عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ-
عندما ذكر الحواريون أسباب طلبهم المائدة، ذكروا أربعة أسباب، وأول هذه الأسباب قَالُوا (نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا) فلما دعا عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ- أخر الطعام بعد أن ذكر القيم فقال (اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ)
ثم قال (وَارْزُقْنَا) ولم يقل "واطعمنا" لأن الرزق يمس الأكل، ولكنه ليس الأكل فقط، فالعلم رزق والحلم رزق وطاعة الله رزق، فجاء عِيسَى بكلمة يدخل فيها الأكل وتتسع لغيره.

        

(قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115) 
(قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ) 
أي قَالَ اللَّهُ إِنِّي سأنزل المائدة عَلَيْكُمْ، وقيل أن المائدة لم تنزل على الحواريين فقط، لأن الحواريون –وهم خاصة أصحاب عيسي- كان عددهم اثنى عشر حواريًا- ولكن كان يتبع عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ- عدة آلاف سواء من أتباعه أو أصحاب الأمراض أو غيرهم، وقد نزلت المائدة على كل هؤلاء.

        

يقول تعالى (فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ)
أي فمن يكفر بالله تعالى بعد أن ينزل عليهم المائدة من السماء، ويرفض نبوة عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ- فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ.
قيل من عالمي زمانهم، وقيل من جميع العالمين.
لأنهم اقترحوا آية، وجاء بها الله تعالى، ورأوا بأعينهم آية حسية
فلما نزلت عليهم المائدة من السماء كفر البعض فمسخوا الى خنازير، وهذا عذاب لم يكن لأحد من العالمين.
عن "عبد الله بن عمرو" قال: إنَّ أشدَّ الناس عذابًا ثلاثة: المنافقون، ومن كفر من أصحاب المائدة، وآل فرعون.


        

أما عن كيفية نزول المائدة، وما الذي كان على المائدة من ألوان الطعام، ففيها الكثير من الأخبار عن الصحابة والتابعين فقيل أنها نزلت تحملها الملائكة بين غمامتين أي سحابتين، وأخذت تقترب قليلًا قليلًا، حتى استقرت بين أيديهم، وهي مغطاة بمنديل، وخر عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ- ساجدًا وهو يبكي ويدعو الله تعالى ويقول: اللَّهم اجعلني من الشاكرين، اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها فتنة، وسجد الحواريون معه، ثم كشف المنديل الذي عليها فاذا عليها سبعة أسماك مشوية، وأرغفة خبز، وألوان من البقول والفاكهة، ولها رائحة عظيمة لم يشموا مثلها من قبل، فلما رأي الحواريون ذلك قالوا: يا روح الله أمن طعام الدنيا أم من طعام الآخرة ؟ فقال: ليس منهما، فقال الحواريون: لو أريتنا من هذه الآية آية أخري، فقال: يا سمكة أحيي بإذن الله، فاضطربت. ثم قال لها: عودي كما كنت، فعادت مشوية.
ثم أمرهم عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلامُ- أن يأكلوا منها، فأكلوا منها وكان عددهم بالآلاف، وظلت المائدة يأكل الناس منها أربعين يومًا، وأكل آخرهم كما أكل أولهم، فبرأ كل من كان به عاهة أو مرض، ومن كان فقيرًا أصبح غنيًا.
ثم رفعت المائدة الى السماء وهم ينظرون اليها.

 

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇