Untitled Document

عدد المشاهدات : 991

الحلقة (293) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم تدبر الآيات من (88) الى (91) من سورة "النِسَاء" قول الله -تَعَالي- (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْل

تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم
الحلقة الثالثة والتسعون بعد المائتين (293) (ص 92)
تدبر الآيات من (88) الى (91) من سورة "النِسَاء"

❇        

(فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)


❇        

(فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88)
نزلت هذه الآية الكريمة في جماعة، وكان عددهم تسعة نفر، جاءوا من مكة الى المدينة مهاجرين، ولكنهم لم يتحملوا صعوبة الحياة في المدينة فعادوا الى مكة مرة أخري، دون أن يستأذنوا الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلما وصلوا الى مكة أرسلوا الى الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقالوا "انا على الاسلام، ولكنا اشتقنا الى بلادنا واخواننا بمكة" وكانوا يريدون بذلك أن يأمنوا على أنفسهم من المسلمين، ثم انهم خرجوا في تجارة الى الشام، فأعطاهم أهل مكة بضاعتهم، وقالوا لهم أنتم على الإسلام فلن يتعرض لكم محمد وأصحابه، فلما علم الصحابة بخروجهم لتلك التجارة، اختلفوا في أمرهم، فقال البعض نخرج الى هؤلاء الخبثاء ونقاتلهم، فَإِنَّهُمْ يُظَاهِرُونَ عَلَيْنا عَدُوَّنا.
وقال البعض الآخر: أَتُقَتِّلُونَ قَوْمًا قَدْ نطقوا بالشهادتين‏؟‏ أَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ لَمْ يُهَاجِرُوا تُسْتَحَلُّ دِمَاؤُهُمْ ؟‏!‏
والنبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ساكت، فأنزل اللَّه- تعالى- هذه الآية الكريمة، فقال تعالى (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ) وهذا استفهام استنكاري، يعنى: لماذا أنتم مختلفون في أمر هؤلاء الْمُنَافِقِينَ، ومنقسمون الى  فئتين ؟ مع أن أمرهم واضح !
(وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ) الرَّكس هو قلب الشيء على رأسه، يعنى وهؤلاء قد أَرْكَسَهُمْ الله، أي ردهم الى الكفر، وردهم الى حكم الكفار المحاربين لكم بإباحة دمائهم 
(بِمَا كَسَبُوا) أي أن ذلك بسبب اختيارهم النفاق، واختيارهم طريق الضلالة بأنفسهم.

❇        

(أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا) 
لا يزال الخطاب للذين دافعوا عن هؤلاء النفر، فيقول تعالى أنتم تريدون لهم الهداية، وعندكم حرص على هدايتهم، ولكن لا سبيل لهدايتهم لأن الله -تَعَالي- قد كتب عليهم الضلالة، ومن يكتب الله عليه الضلالة، فليس هناك سبيل أو طريق لهدايته.

❇        

اذن فمعنى الآية ما كان يجب لكم أيها المؤمنون أن تختلفوا في أمر هؤلاء النفر، لأن هؤلاء نفاقهم واضح، وكفرهم واضح، والمؤمن يجب أن يكون كيس فطن، ويجب أن يتعامل بحزم مع أعداء الأمة 

❇        

(وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89)
يعنى هؤلاء المنافقون الذين اختلفتم فيهم، ودافع البعض عنهم (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) يعنى يحبون ويتمنون أن تكفروا مثلهم فتكونون سَوَاءً في الكفر.
ودائمًا أهل الباطل يريدون أن يكون أهل الحق على شاكلتهم، لأنهم يشعرونهم بنقصهم، لو رسب تلميذ في الفصل فانه يريد لكل زملائه ان يرسبوا مثله، وعندما يذهب الى أهله، فانه قبل أن يقول لهم أنه رسب، فانه يقول لهم أن كل الفصل قد رسب، واذا كانت هناك ادارة كل من فيها مرتشي، اذا جائهم واحد فقط لا يرتشي، فانهم يكيدون له حتى يتخلصون منه، وتجد التي لا ترتدي حجاب يستفزها منظر الحجاب، وتهاجم المحجبة، وتجد في بعض الفنادق يمنعون الفتاة من نزول حمام السباحة بالمايوه الشرعي، حتى أن بعض الفنادق يمنعون من تنزل البحر بالمايوه الشرعي.
روي أن عثمان بن عفان قال "ودت الزانية أن تكون كل النساء زانيات"
(فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) يعنى لا تعتبروهم منكم، ولا تطلعوهم على أسراركم، حتى يتوبوا عن مظاهرة أعدائكم، ودليل توبتهم أن يهاجروا في سبيل الله من مكة الى المدينة.
وفي هذه الفترة، وهي الفترة من هجرة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من مكة الى المدينة، وحتى فتح مكة، كانت الهجرة واجبة، والذي لا يهاجر يكون آثمًا، لآن مكة كانت دار حرب، فلما كان فتح مكة قال الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "لا هجرة بعد الفتح"
(فَإِنْ تَوَلَّوْاْ) يعنى فَإِنْ رفضوا الهجرة، واصروا على البقاء في دار الكفر، فهذا يدل على اصرارهم على النفاق.
(فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) 
(فَخُذُوهُمْ) أي فأسروهم ،و لفظ الأخذ يدل على الشدة في التناول
(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) يعنى وَاقْتُلُوهُمْ في أي مكان تظفرون بهم سواء في حل أو حرم.
(وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) ولا تستعينوا بهم في أي أمر من أموركم، أو تطلعوهم على أسراركم.
اذن فالآيات توجه الى التعامل مع هؤلاء الذين يظاهرون الأعداء كما التعامل مع الأعداء، حتى وان ادعي بعضهم الاسلام.


❇        

(إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90)
وضعت الآية استثناء لقتل هؤلاء المنافقون الذين ظاهروا أعداء المسلمين، فقال تعالي:
(إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ)
يعنى: إِلَّا الَّذِينَ يلتجئون الى قوم بينكم وبينهم (مِيثَاقٌ) أي معاهدة فهؤلاء يكون لَهُمْ مِنَ الْأَمَانِ مِثْلَ الذين‏ التجأوا إليهم.‏
وكان الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل فتح مكة يعقد المعاهدات مع بعض القبائل في الجزيرة علي ان تكون على الحياد، فلا تكون مع المسلمين، ولا تكون عليهم، مثل: خزاعة، وبنو مدلج، وبنو بكر.
فنهت الآية عن قتل من يلجأ أو يدخل في جوار أحد من هذه القبائل.
(أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ) 
الاستثناء الثاني: أَوْ جَاءُوكُمْ وقد حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ، أي ضاقت صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ، وضاقت صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ.
يعنى اذا كان هناك قتال بين الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين أحد القبائل، وكان أحد المقاتلين في هذه القبيلة لا يريد قتال المسلمين، و لا يريد في نفس الوقت قتال قومه، وجاء الى المسلمين وأعلن ذلك، فانه لا يجوز قتاله. 

❇        

اذن فالآيات تعلم المسلمون السياسة، وتقول عندما تكون في حرب لا تفتح عدة جبهات في وقت واحد، ولذلك فهي تأمر الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يفتح الباب لكل من يريد أن يقف على الحياد في المواجهة بين الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين قريش، فمن يريد ألا يقاتل الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا يقاتل قريش: اما أن يدخل في جوار قبيلة بينها وبين الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (مِيثَاقٌ) أي معاهدة، واما ان يأتي الى الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مسالمًا 
❇        

يقول تعالى (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ) يعنى هؤلاء الذين (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ) لَوْ شَاءَ اللَّهُ لجرأهم على قتالكم فقاتلوكم ‏مَعَ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، ولكن الله -تَعَالي- قذف في قلوبهم الرعب وصرفهم عن قتالكم
(فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) أي فَإِنِ تركوكم وشأنكم فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ (وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) يعنى أظهروا رغبتهم في السلام معكم، والتعبير بأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ، يعنى هم الذين يطلبون هذا السلام، وهم الذين يسعون اليه، وهو - كما يقولون- سلام الأقوياء.
(فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا) فما أحل الله -تَعَالي- لكم قتالهم.

❇        

(سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)
بين الله تعالى حال جماعة آخرين وبالغ تعالى في ذمهم، فقال تعالى (سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ) فهؤلاء قوم من الخبثاء كانوا يأتون الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويظهرون الاسلام، فاذا ذهبوا الى الكفار فانهم يعبدون الأوثان، وكانوا يفعلون ذلك المرة بعد المرة.
 يعنى يمارسون سياسة اللعب على الحبلين، فهم يريدون أن يستفيدوا من المسلمين أقصى استفادة، ويريدون أن يستفيدوا من المشركين – كذلك- أكثر استفادة.
(كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا)
يعنى كلما دعاهم المشركين الى عبادة الأوثان عادوا الى عبادة الأوثان.
وهذه الآية نزلت في قوم من غَطفان وبنُو أسد 

❇        

وهذه الطائفة تختلف عن الطائفة السابقة لها، فالطائفة السابقة واضحة في تعاملها مع المسلمين، فهم على كفرهم، ولكنهم يفقون على الحياد بين المسلمين والمشركين، فهم لا يريدون قتال المسلمين، ولا يريدون قتال المشركين من قومهم، أما هذه الطائفة الثانية فهم يظهرون الاسلام للمسلمين ويتعرفون على أسرارهم، ثم يذهبون الى الكفار ويطلعونهم على أسرار المسلمين، واذا حدث قتال بين الطرفين، فاذا رجحت كفة المشركين في أوي وقت،  فانهم سيسرعون للقتال في صفوف المشركين. 
❇        

(فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ) فَإِنْ لَمْ يتركوكم وشأنكم، ويتوقفوا عن اظهار الاسلام كذبًا ونفاقًا. 
(وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) يعنى ويطلبوا منكم السلام.
(وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ) أي ويمتنعوا عن قتالكم مع المشركين.
(فَخُذُوهُمْ) أي فَخُذُوهُمْ أسري.
(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) أي وَاقْتُلُوهُمْ أينما كانوا سواء في الحل أو الحرم.
(وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا)
يعنى وهؤلاء أجاز الله لكم قتلهم واسرهم.
وهذا في مقابل الطائفة السابقة الذين قال الله -تَعَالي- فيهم (فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا)

❇        

اذن فهذه الآيات الأربعة ترسم للمؤمنين الخطوط العريضة للسياسة التى ينتهجونها مع غيرهم من الطوائف المختلفة.
أولًا: ألا يدافعوا أو يحسنوا الظن بالمنافقين الذين ظهر نفاقهم، وهؤلاء حكمهم كحكم الكفار المحاربين، فيجوز أخذهم وقتلهم.
ثانيًا: أن يمتنعوا عن قتال الذين يريدون أن يقفوا على الحياد بين المسلمين وبين قومهم
ثالثا: أن يقاتلوا الذين يظهرون الاسلام ويظاهرون ويتعاونون مع الأعداء في نفس الوقت.

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇