Untitled Document

عدد المشاهدات : 908

الحلقة (283) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تدبر الآيات من (60) الى (63) من سورة "النِسَاء" قول الله -تَعَالي- (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا

تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم
الحلقة الثالثة والثمانون بعد المائتين (283) (ص 88)
تدبر الآيات من (60) الى (63) من سورة "النِسَاء"

❇        

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) 
❇        

)أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60)
سبب نزول هذه الآية أن العرب في الجاهلية قبل الاسلام كانوا يتحاكمون الى الكهان، والكهان هم الذين يدعون معرفة الغيب، وكان في كل قبيلة طائفة من هؤلاء الكهان، فلما جاء الاسلام وهاجر الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الى المدينة كان التحاكم الى الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
ثم حدث أن وقعت خصومة بين رَجُلٌ مِنَ أهل المدينة اسمه"بِشَرٌ" وكان منافقًا يظهر الاسلام ويبطن الكفر، وبين رجل من اليهود، وبدلًا من أن يتحاكما الى الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احتكما الى أحد الكهان وأسمه " أَبُو بُرْدَةَ الأَسْلَمِيُّ"  وقيل انهما تحاكما الى "كعب بن الأشرف" وكان من أشد اليهود عداوة للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فنزلت هذه الآية الكريمة فقال تعالى
(أَلَمْ تَرَ) وهو سؤال للتعجب والانكار (إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) وهو بِشَرٌ المنافق الذي كان يزعم كذبًا أنه آمن بالرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وآمن بالقرآن العظيم.
(وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) أي هذا اليهودي الذي زعم–هو أيضًا- أنه يؤمن بالتوراة التي أنزلت اليه، ولو كان مؤمنًا بالتوراة حقًا لاتبع الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
(يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) كلمة الطَّاغُوتِ مشتق من الطغيان، وهو مجاوزة الحد، وهو يشير الى كثرة الطغيان، ولذلك فقد جاء في القرآن وله عدة معاني –جمعها ابن القيم في خمسة معاني- وقد جائت في هذه الآية اشارة الى هذا الكاهن، أو الى "كعب بن الأشرف"  
والعبرة بعموم اللفظ فالطاغوت في هذه الآية هو كل من حكم غير حكم الله تعالى.
(وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) أي قد أمرهم الله تعالى أن يكفروا بكل حكم غير حكم الله تعالى
(وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا)
يعنى وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا بحيث لا يرجعون بعده الى طريق الحق أبدًا، وهذا الضلال البعيد هو الحكم بغير ما أنزل الله.

❇        

وقلنا مرارًا أن سبب نزول الآية يساعدنا في فهم مراد الله -تَعَالي- من هذه الآية، فالآية وان نزلت في شأن هذا المنافق وهذا اليهودي اللذان تركا التحاكم الى الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتحاكما الى غيره، فهي عامة في كل من يترك حكم الله -تَعَالي- ويختار حكم البشر، فأي تحاكم الى غير شرع الله -تَعَالي- من القوانين الوضعية هو تحاكم الى الطاغوت.
وصورة هذا ليس فقط في الدول الاسلامية التي لا تطبق شرع الله، ولكن نري هذا على مستوي الأفراد، فأحياناً يكون رجل مسلم مقيم في دولة غربية، ومتزوج من امرأة مسلمة، ثم يحدث خلاف بينهما ويصل الأمر الى حد الطلاق، فنجد المرأة ترفض أن يحتكما الى عالم في هذا البلد حتى يقضى لها بحقوقها على حسب الشريعة، وتذهب لتتحاكم الى القانون الوضعي في هذا البلد، لأن هذا القانون الوضعي سيعطيها نصف ثروة زوجها، وهو أكثر مما تعطيها الشريعة. 
فهذه الزوجة ترفض أن تتحاكم الى كتاب الله وسنة رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتتحاكم الى الطاغوت.
هناك في بعض الدول ما يطلق عليه قانون الايجار القديم، وفيه ظلم للمالك، فاذا أراد المالك أن يتحاكم هو والمستأجر الى أحد العلماء، يرفض المستأجر، ويتمسك بالقانون الوضعي لأنه يعطيه ما ليس له فيه حق، فهذا الرجل يرفض حكم الله، ويتحاكم الى الطاغوت 

❇        

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61)
يعنى وَإِذَا قِيلَ لهؤلاء المنافقين (تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ) يعنى تَعَالَوْا إِلَى حكم الله الذي أنزله في كتابه 
(وَإِلَى الرَّسُولِ) أي وتَعَالَوْا إِلَى الرَّسُولِ ليحكم بما أراه الله (رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا) يعنى رَأَيْتَ هؤلاء الْمُنَافِقِينَ يعرضون عنك اعراضًا شديدًا
وهذه الآية تصف الواقع الآن وصفًا دقيقًا كأنها نزلت بالأمس، فالمنافقين لم يكونوا فقط في زمن النَبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولكنهم موجودون في كل وقت، فالمنافقين الآن في هذا العصر، نجدهم يحملون أسماء اسلامية، ومكتوب أمام خانة الديانة في بطاقات الهوية الخاصة بهم: مسلم، ولكنهم يحملون في قلوبهم كراهية للإسلام، وكراهية وحقدًا وبغضًا لكل انسان ملتزم بدينه.
فهؤلاء اذا قلت لهم أنه يجب أن نطبق الشريعة الاسلامية بدلًا من القوانين الوضعية، رأيتهم ينفرون نفورًا شديدًا، كما قال تعالى (يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا)
كأن من علامات المنافقين، انك اذا دعوتهم الى تطبيق شرع الله -تَعَالي- فانهم يعارضون ذلك معارضة شديدة.

❇        

وكلمة (تَعَالَوْا) نداء يشير الى الإقبال على الأعلى. 
كأن التشريع الوضعي هو تشريع هابط، لأنه من صناعة العقل البشري، أما التشريع حينما يكون من الله فانه يكون عاليًا
ولذلك فالقانون الوضعي نجده كثيرًا ما يعدل، وهذا يعنى اعترافًا ممن وضع القانون بأنه كان به أخطاء وكان به ثغرات، ثم يعدل مرة ثانية، ومرة ثالثة، وهكذا حتى يصبح مهلهل، فيلغي ويسن قانون جديد وهكذا 
مثلًا أرادوا في سوريا الحد من ارتفاع أسعار السيارات، فمنعوا بيع السيارات الا للأقارب، فنشأ حالات زواج صوري أطلقوا عليه زواج السيارات، وترتب على ذلك مشاكل كثيرة، حدث مثلًا أن امرأة ثرية تزوجت شابًا لكي تبيعه سيارتها زواجًا صوريًا، ثم توفيت وأصر الشاب على نصيبه من الإرث.
في سبعينات القرن الماضي وضعت الصين قانون يمنع الزوجين من أنجاب أكثر من طفل، وذلك في محاولة للحد من زيادة السكان، ونتج عن هذا القانون عشرات من المشاكل، منها مثلًا أنهم كانوا يفضلون الذكور، فكانت المرأة اذا قامت بعمل سونار واكتشفت أن الجنين الذي في بطنها أنثى فإنها تجهض جنينها، وبعض الأسر تخلصت من البنات بالقتل أو الايداع في دور الأيتام، وأصبح هناك عجز في عدد الفتيات، وانتشر بين الشباب ما يعرف بـ"متلازمة الامبراطور الصغير" وهي تعنى أن الطفل الذي ليس له أخوة يتسم بالأنانية والانطوائية والنزعة الاستهلاكية، وفي النهاية اضطرت الصين الى  الغاء هذا القانون، ولكن وجدوا أنهم يحتاجون الى 20 عام لمعالجة الآثار السلبية لهذا القانون.

❇        

(فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62)
(فَكَيْفَ) يعنى فَكَيْفَ يصنع هؤلاء، وكيف يكون حال هؤلاء المنافقين الذين تحاكموا الى غير الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
(إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) إِذَا نزلت بهم مُصِيبَةٌ
(بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) أي بسبب تحاكمهم الى غير شرع الله.
(ثُمَّ جَاءُوكَ) ثُمَّ جَاءُوكَ يا محمد
(يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا) يعنى يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ أننا لم نرد من تحاكمنا الى غير الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الا الخير والتوفيق بين الخصوم.
والآية ترسم صورة للمجتمع الذي لا يطبع شرع الله تعالى، فالأمر الأول أن هذا المجتمع تصيبه المصائب بسبب عدم تطبيقه شرع الله (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ)
الأمر الثاني أن المنافقون الذين يدعون الى عدم تحكيم شرع الله، لا يعترفون أبدًا أن هذه المصائب التي تصيب المجتمع بسبب عدم تحكيم شرع الله تعالى.
الأمر الثالث: أن هؤلاء المنافقون يدعون أنهم لا يريدون من عدم تحكيمهم لشرع الله الا تحقيق المصلحة (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا)

❇        

(أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63)
(أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ) أي أن الله تعالى يعلم مَا فِي قُلُوبِ هؤلاء المنافقين من الكفر والنفاق والحقد والكيد للمسلمين
وهذا الأسلوب يستخدم فيما يعظم من خير أو شر.
كما يقول الرجل لمن يحبه: الله أعلم بما في نفسي لك، كأن لكثرته وقوته لا يقدر على معرفته إلا الله تعالى.
ويقول في العدو الماكر المخادع، الله يعلم ما في قلبه، أي أن ما في قلبه من الخبث بلغ حدًا لا يعلمه الا الله.
فقوله تعالى (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ) أي أن ما فى قلوب هؤلاء المنافقين من الكفر والحقد والكيد والكراهية للمسلمين بلغ من الفظاعة مقدارا لا يحيط به إلا الله تعالى.

❇        

ثم يقول تعالى (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا) هنا يذكر تعالى كيفية التعامل مع المنافقين في المجتمع، فأول شيء (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) يعنى لا تعاقبهم، لأن الله تعالى لا يريد أن يفتح باب الحكم على الناس بخلاف الظاهر، حتى لو كان من الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي يأتيه الوحي من الله تعالى، يقول الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  "إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ"
وأيضًا قوله تعالى (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) يعنى لا تقبل عليهم بالبشاشة والتكريم، ولا تقربهم، ولا تتخذ منهم بطانة، ولا تطلعهم على أسرار الدولة، ولا تستعين بهم في أمر من أمور الدولة
(وَعِظْهُمْ) والموعظة تكون بالترغيب والترهيب على نحو ترقّ له قلوبهم
(وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا)
قوله تعالى (فِي أَنْفُسِهِمْ) يعنى بينك وبينهم، لأن الموعظة اذا كانت بين الواعظ والموعوظ تكون ذات أثر طيب، أما اذا كانت أمام الناس فربما تثير فيه غريزة العناد.
وقوله تعالى (قَوْلًا بَلِيغًا) القول البليغ هو الذي يبلغ الغاية من النفس، يعنى قولا مؤثرا
والمعنى أنه ليس معنى أنك تُعْرِض عن هؤلاء المنافقين أن تسقطهم من حساب دعوتك، ولكن عِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا يعنى تسلك جميع الطرق في دعوتهم، ولا تيأس من ايمانهم، لأن النفاق درجات، كما أن الايمان درجات، وقد يكون هذا الذي ظهر لك نفاقه هو للإيمان أقرب منه للكفر، ويريد من يأخذ بيده من هاوية الكفر الى نور الايمان.
اذن هذه هي طريقة التعامل مع المنافقين في المجتمع المسلم، أن تكون في حذر منهم، ولا تعطيهم الأمان، ولا تقربهم، وتعطيهم منصب من مناصب الدولة، وفي نفس الوقت لا تتوقف عن دعوتهم، ولا تيأس من هدايتهم.

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇