Untitled Document

عدد المشاهدات : 1169

الحلقة (200) من تدبر القُرْآن العَظِيم، تدبر الآيات من (69) و(70) و(71) من سورة "آلَ عِمْرَانَ"، قول الله -تَعَالَى- (وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِ

تدبر القُرْآن العَظِيم
الحلقة المائتين
تدبر الآيات من (69) و(70) و(71) من سورة "آلَ عِمْرَانَ"

❇        

وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) 

❇        

(وَدَّت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡيُضِلُّونَكُمۡ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآأَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ﴿٦٩﴾

(وَدَّت) يعنى رغبت وتمنت
والتعبير بالماضى (وَدَّت) يشير الى أن رغبتها لم تتحقق، كما تقول "كان نفسي في كذا..." اذن شيء لم يتحقق "كان نفسي أطلع دكتور" يعنى كان يتمني أن يكون طبيبًا ولم يصبح كذلك.
فقوله تعالى (وَدَّت) يعنى كانت تتمنى هذا الأمر ولكن لم يحقق.

❇        

(طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ) أي جماعة مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ، وهذه الجماعة مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ، هي أحبارهم وعلمائهم ورؤسائهم.
لم يقل تعالى "وَدَّ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ" وانما قال (وَدَّت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ) 
لأن الله تعالى يريد أن يعلمنا الحكم الموضوعي على الأمور، يقول العلماء أن التعميم من العمي، لأن الأعمي يعمم، أما المبصر فلا يعمم.
ولذلك فمن الورع ألا تعمم في حديثك وتقول الأطباء كذا، المحامون كذا، المدرسون كذا، الصنيعية كذا، المنايفة كذا، وانما تحتاط وتقول: بعضهم كذا 

❇        

(لَوۡ يُضِلُّونَكُمۡ) لَو هنا بمعنى أنْ يُضِلُّونَكُم، يعنى يتنموا أن يُضِلُّونَكُم، بأن ترجعوا عن دين الإسلام الذى هداكم الله إليه.
لماذا يتمنون هذا الأمر ؟
الانسان عندما يكون بعيدًا عن طريق الله، تنشأ عنده حالة من عدم التوازن النفسي، لأنه يرتكب أمورًا ضد فطرته.
يقول تعالى ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾
والذي يخفف عنه هذا الشعور بعدم التوازن، هو أن يكون بقية الناس مثله.
ولذلك الذي يدخن السجائر والذي يدمن المخدرات، سبب ادامنه هو أقرب أصدقائه، لأن صديقه المدمن يريد أن يكون صاحبه مدمنًا مثله.
الراحة النفسية للمنحرف أن يكون كل الناس منحرفون، الفتاة الغير طاهرة، تقول كل البنات غير طاهرات، المرتشي يقول كل الناس مرتشون
في لقاء تلفزيوني مع مجموعة من الشواذ، قال أحدهم أن عدد الشواذ في مصر 16 مليون، وقال زميله أن في كل بيت شاذ.
اذن قوله -تَعَالى- (وَدَّت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡيُضِلُّونَكُمۡ) أي أن رؤساء وأحبار اليهود والنصاري، يحبون ويتنمون، أن يضلوكم، بأن ترجعوا عن دين الإسلام الذى هداكم الله إليه، لأنهم يعلمون أنهم ضالون، ويريدون كل الناس ضالون مثلهم.

❇        

(وَمَا يُضِلُّونَ إلاأَنفُسَهُمۡ) هم في الواقع يضلون أنفسهم.
لأنهم بدلًا من انشغالهم بهداية أنفسهم، انشغلوا بدلًا من ذلك باضلال غيرهم.
ولأن الضال اذا أضل غيره فانه يزداد اثمُا على اثمه، ويحمل ذنبًا جديدًا على ذنوبه.
(وَمَا يَشۡعُرُونَ) أي وَمَا يَشۡعُرُونَ بأنهم يضلون أنفسهم، وَمَا يَشۡعُرُونَ بالعقاب الذي سينزل عليهم، وما يشعرون بالبلوة اللى حتيجلهم مركبة

❇        

قال القرطبي في سبب نزول هذه الاية: نزلت هذه الآية في: عمار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان، ومعاذ بن جبل، حين دعاهم يهود المدينة لترك الاسلام والدخول في اليهودية.
ونحن نجد الآن مئات المواقع على النت هدفها هو القاء الشبهات حول الاسلام، ولا يتركون آية في القرآن ولا حديث ولا موقف من مواقف السيرة الا ويحاولون اثارة الشبهات حوله.
وهي شبهات في غاية السطحية، والردود عليها سهلة حتى لغير العالم، ويمكن لمن يملك ثقافة دينية متوسطة أن يرد عليها بمنتهي السهولة.

 


(وَدَّت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡيُضِلُّونَكُمۡ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآأَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ﴿٦٩﴾

❇        

(‏يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ‏(70)
(‏يَا أَهْلَ الْكِتَابِ) وهم اليهود والنصاري.
(لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ) لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ، وهي آيات القرآن العظيم، وكذلك آيات التوراة والانجيل التى تذكر صفة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
(وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ‏) وأنتم تَشْهَدُونَ فيما بينكم وبين بعض، وتَشْهَدُونَ فيما بينكم وبين أنفسكم، أن هذا القرآن العظيم هو من عند الله تعالى، وتشهدون أن محمد –صلى الله عليه وسلم- هو رسول الله الذي تجدون صفته في كتبكم 
(‏يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ‏)
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ من اليهود والنصاري، لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ القُرْآن العَظِيم، وآيات التوراة والانجيل التى تذكر صفة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأنتم تعلمون أن هذه الآيات هي من عند الله -تَعَالى- وتعلمون أن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المذكورة صفته في كتبكم ؟ 

 

(‏يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ‏(70)
❇        

(يَٰٓأَهۡل ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَلۡبِسُونَ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ وَتَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ﴿٧١﴾
(يَٰٓأَهۡل ٱلۡكِتَٰبِ) تكرار النداء فيه توبيخ لهم
(لِمَ تَلۡبِسُونَ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ) 
اللبس هو ادخال شيء في شيء، فأنت عندما ترتدي ملابسك، فأنت تدخل جسدك في الملابس، وبذلك يختفي جسدك تحت الملابس التى ترتديها.
وحين يقول الله تعالى أنهم يلبسون الحق بالباطل، فمعنى ذلك أن الحق سيكون مختفيًا تحت لباس الباطل، فلا يري الناس الحق، وانما يرون الباطل.
فقوله تعالى (لِمَ تَلۡبِسُونَ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ) الحق هو نصوص التوراة التي أنزلت على موسي، والباطل هو ما حرفوه من نصوص التوراة وكَتَبُوهُ بِأَيْدِيهِمْ‏.
الحق هو صفة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المذكورة في كتبهم، والباطل هو تحريفهم هذه النصوص.
كذلك من لبس الحق بالباطل: تأويل النصوص تأويلًا باطلًا، فهناك عشرات النصوص في الانجيل، وهي نصوص واضحة تمامًا وضوح الشمس أن عيسي –عليه السلام- هو عبد الله ورسوله،ومع ذلك يتم تأويلها ولى عنقها وصرفها عن هذا المعنى .
طبعًا تلبيس الحق بالباطل الآن أصبح أوسع كثيرًا جدًا، والفضائيات مملوءة بالمفكرين الذين تخصصهم هو تلبيس الحق بالباطل
(وَتَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ) أي تكتمون صفة الرسول –صلى الله عليه وسلم- المذكورة في التوراة والانجيل بمنتهي الدقة
(وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ) هذا تشنيع على فعلهم، يعنى هذا لم يقع منكم خطئًا، ولكم تفعلون ذلك وأنتم تعلمون أن هذا النص الذي تأولونه، تاولونه تأويلًا فاسدًا 
وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ أن محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو النبي المذكور في التوراة بمنتهي الدقة، وتعلمون أنه النبي الذي بشر به عيسي -عَلَيْهِ السَّلَام- 
يقول تعالى في سورة البقرة ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ) قال عبد الله بن سلام: لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني، ومعرفتي لمحمد أشد.



(يَٰٓأَهۡل ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَلۡبِسُونَ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ وَتَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ﴿٧١﴾

❇        

الآية الكريمة التالية يقول تعالى:
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72)
تتحدث الآية عن طريقة من طرق اليهود الخبيثة الماكرة لمحاولتهم التشكيك في الاسلام، وصرف المسلمون عن التمسك بدينهم، والرجوع من الاسلام الى الكفر.
وهي أن يتظاهروا بالدخول في الاسلام، ثم يرجعوا بعد ذلك الى اليهودية، نتحدث في الحلقة القادمة –ان شاء الله– عن هذا الأمر

 

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

 ❇