الفصل الثامن: زواج "عبد الله بن عبد المطلب" من "آمنة بنت وهب"
أُحِبُكَ نَبِي
الكتاب الأول: أحداث هامة قبل وِلاَدَة الرَسُول ﷺ
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
الفصل
الثامن: زواج "عبد الله بن عبد المطلب" من "آمنة بنت وهب"
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
ذكرنا أن العرب كان فيهم التفاخر الذي لا حد
له بالأنساب
ولذلك فالله –تعالى- هيأ للنبي ﷺ شرف النسب، ليكون مساعدًا
له على التفاف الناس حوله.
ولو لم يكن للرسول ﷺ هذا النسب لأنف كثير من العرب الإنضواء تحت لواءه.
فالجد الرابع للنبي ﷺ هو "قصى بن
كلاب" والذي عاش من سنة 400 الى 480 ميلادية.
وهو أشهر من حكم "قريش" لأنه هو الذي
انتصر لقريش على خزاعة، وطردهم من مكة، وجعل سكن مكة خاص بقريش.
وقد ذكر الإمام البخاري نسب النبي ﷺ في باب مبعث النبي ﷺ فقال:
"محمد بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ
عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ
بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ
بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ
بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارَ بْنِ مَعَدَّ بْنِ عَدْنَانَ"
وكل اسم من هذه الأسماء له تاريخ ومناقب
عظيمة تعرفها العرب جيدًا
أما عَدْنَانَ فهو من نسل
اسماعيل بن ابراهيم –على نبينا وعليهما الصلاة والسلام-
أي أن "عَدْنَانَ"
ليس ولد
مباشر من اسماعيل.
ولكن لا خلاف من أن "عَدْنَانَ" من نسل اسماعيل بن ابراهيم –عليهما السلام-
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
فدعا "عبد المطلب" أن
يرزقه الله عشرة من الولد.
ونذر ان رزق عشرًا من الولد أن يذبح أحدهم
قربانًا لله تعالى (!)
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
ورزق "عبد المطلب" بالفعل بعشرة من الولد.
وبرغم صعوبة نذر "عبد المطلب" فانه قرر الوفاء بعهده مع
الله وأداء نذره.
فجمع "عبد المطلب" أبناءه وأخبرهم بنذره فوافقوه.
وكان للآباء عند العرب قدسية ومهابة.
ولذلك كان من أكبر المعوقات أمام الرسول ﷺ أنه قد جاء لهم بدين مخالف
لدين آبائهم
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
واقترع "عبد المطلب" على أي أبناءه العشرة يكون الذبح.
فخرجت القرعة على "عبد الله" -والذي سينجب الرسول ﷺ بعد
ذلك-
وكان "عبد الله" أحسن ابناء عبد المطلب خُلقًا وأحبهم اليه
والى أخوته.
وكان محبوبًا في كل قريش.
فلما أراد أن يذبح "عبد الله" وعلمت قريش بذلك، حزنت كل
قريش، وضجت بالبكاء.
حتى أن أحدهم قال لعبد المطلب: ليتنى اذبح مكان "عبد الله"
فلما اجتمعت قريش على "عبد المطلب" قال لهم عبد المطلب:
وما أفعل بنذري
فأشاروا عليه أن يأتي عرافة بالمدينة تدعي "سجاح"
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
فركب اليها "عبد المطلب" في نفر من ابناءه وقص عليها الخبر.
فقالت سجاح :
-
كم الدية فيكم ؟
(يعنى عندما القتل كم تعطوا أهل القتيل حتى يرضى ولا يأخذ بثأره؟)
قالوا:
-
عشرة من الأبل.
قالت:
-
فارجعوا الى بلدكم، ثم قربوا صاحبكم (أي عبد
الله) وقربوا عشرا من الابل، ثم اضربوا عليها وعليه بالقداح (يعنى اعملوا قرعة بين عبد الله وبين الإبل) فإن
خرجت على صاحبكم فزيدوا من الابل حتى يرضى ربكم. (يعنى زيدوا من الإبل حتى تخرج
القرعة على الإبل)
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
وعاد "عبد المطلب" وفعل كما أشارت "سجاح" فخرجت
القداح على "عبد الله"
فزادوا الأبل عشرا، فخرجت على "عبد الله"
فلم يزالوا كذلك حتى بلغت الابل مائة، فخرجت على الإبل.
فنحروا هذه الإبل المائة ونجي "عبد الله"
ولذلك يطلق
على "عبد الله" اسماعيل الثاني.
يعنى كما أن الله تعالى فدي اسماعيل -عليه السلام- بكبش عظيم، فدي
"عبد الله بن عبد المطلب" بمائة من الإبل.
وروي عن النبي ﷺ أنه قال "أنا ابن الذبيحين"
وروي أن أعرابيًا قال للرسول ﷺ: يا ابن الذبيحين، فتبسم
النبي ﷺ.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
كانت فرحة "عبد المطلب" بنجاة ابنه عظيمة.
وأراد "عبد المطلب" أن يزوج ابنه "عبد الله"
وكان عمر "عبد الله" في ذلك الوقت ثمانية عشر عاماً.
وكان شابًا وسيمًا قويًا.
وكان أكثر أبناء "عبد المطلب" شبهًا به.
وكان معروفًا عنه الأخلاق الطيبة والعفة.
وهو كما ذكرنا من قبل ذو نسب وشرف في قومه، ولذلك كان فتى أحلام كل فتيات
قريش.
وأختار "عبد المطلب" لإبنه "عبد الله" أفضل فتاة
في قريش.
وهي "آمنة بنت وهب" وهي ابنة سيد بنى زهرة.
وكان يطلق عليها "زهرة قريش"
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
ويروي أن "عبد الله" قبل أن يخطب آمنة، مر بامرأة يقال لها
"أم قتال بن نوفل" وهي أخت "ورقة بن نوفل"
وكانت "أم قتال" قد سمعت من أخيها "ورقة بن
نوفل" أنه سيظهر في هذا الزمان نبي، هو خاتم الأنبياء.
وأن هذا النبي سيكون مولده ومبعثه في مكة.
فلما نظرت الى "عبد الله" رأت بفراستها نور النبوة في وجهه،
وحدست أنه سيكون أبًا لهذا النبي.
والعرب مشهورون بالفراسة، ولهم في ذلك قصص عجيبة جدًا، حتى أن الله
تعالى يقول في سورة الحجر "إن في ذلك لآيات للمتوسمين" أي أن الله تعالى
وصف العرب بهذه الصفة وهي أنهم ذوي فراسة ونظر.
وأرادت "أم قتال" أن تتزوج من "عبد الله"
ليس كما قلنا لوسامته وشرفه ووضعه في قريش.
ولكن لكي تنجب منه وتكون أمًا لخاتم الأنبياء.
فعرضت على "عبد الله" أن تتزوجه.
ولكن "عبد الله" كان يعلم برغبة أبيه في أن يزوجه
"أمنة بنت وهب" وهي سيدة نساء قومها –كما ذكرنا- فرفض هذا العرض.
وقال لها:
-
لا أستطيع خلاف أبي.
وأخذت "أم قتال" تلح في طلبها على "عبد الله"
حتى أنها عرضت عليه ان قبل
الزواج منها أن تعطيه مائة من الإبل، وقالت له:
-
لك مثل الإبل التي نحرت عنك، وتتزوجنى.
ولكن "عبد الله" كان يعتذر اليها بأنها لا يستطيع أن يخالف
رغبة أباه في أن يتزوج "آمنة بنت وهب"
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
وتزوج "عبد الله بن عبد المطلب" من آمنة بنت وهب.
وكان عمر "عبد الله" -كما ذكرنا- ثمانية عشر عام، وعمر
آمنة ثلاثة عشر عامًا.
وبعد أن تزوج "عبد
الله" من "آمنة" مر بأم قتال.
فوجدها قد أعرضت عنه ولم تتلهف عليه أو تعرض
عليه الزواج كما كانت تفعل من قبل.
فتعجب "عبد
الله" وسألها :
- ما
لك لا تعرضين عليَّ اليوم ما كنت عرضت بالأمس؟!
فقالت له:
-
فارقك النور الذي كان معك بالأمس، فليس لي بك حاجة.
يعنى أن النطفة التى كان
منها الرسول ﷺ عندما خرجت من جسد
"عبد الله" واستقرت في رحم السيدة "آمنة" خرج معها النور الذي
كان في وجه "عبد الله"
يعنى النور الذي كان في
وجه "عبد الله" خرج من جسده ليستقر في رحم السيدة "آمنة"
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
بل روي أن كاهنة كان يطلق
عليها "كاهنة قريش" كانت تنظر في وجه آمنة وتقول لها:
- أنت
النذيرة أو التى ستلد النذير.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
وظل "عبد الله"
مع عروسه "آمنة" عشرة أيام.
ثم خرج في قافلة تجارية
الى "غزة" بالشام.
ثم عاد من
"غزة" الى "يثرب" ليشتري تمرًا.
و"يثرب" بها
أخواله "بنى النجار"
ولكنه مرض في
"يثرب"ولم يستطع أن يعود مع القافلة الى مكة.
فعادت القافلة الى
"مكة" بدونه.
ورقد هو عند أخواله في
يثرب.
وأقام عندهم مريضًا شهرًا
كاملًا.
ثم مات هناك ودفن في مكان يطلق عليه "دار النابغة الصغري"
رحلة عبد الله بن عبد المطلب التى توفي فيها
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
مات "عبد الله" والرسول ﷺ لا يزال جنينًا في بطن
أمه.
وترملت السيدة آمنة.
وترك لها "عبد الله" خمسة من الإبل، وبعض الأغنام.
وترك لها أيضًا عبدة حبشية كانت عنده يطلق عليها "بركة"
والتى أطلق علها بعد ذلك "أم أيمن" وستكون بعد ذلك من السابقات الى
الإسلام، وسيكون لها مواقف عظيمة في الاسلام.
وبالرغم من أن "عبد الله" لم يمكث مع "آمنة" الا
عشرة أيام فقط، الا أنها أحبته حبًا شديدًا.
وعندما بلغها موتها حزنت عليها حزنًا عظيمًا، ورثته بشعر رائع ورقيق.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°