Untitled Document

عدد المشاهدات : 1288

الحلقة (47) من "تدبر القُرْآن العَظِيم" تدبر الآية (52) و(53) من سورة البقرة ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53

 تدبر القُرْآن العَظِيم

الحلقة السابعة والأربعون
تدبر الآية (52) و(53) من سورة البقرة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ 
ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52)
وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53)
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ 

 

قلنا من قبل أن طوال فترة بقاء "بنى اسرائيل" في مصر لم يكن هناك منهج، ولم يكن هناك تكليف، ولم تنزل آية واحدة من التوراة، ولكن بعد نجاة "بنى اسرائيل" كان لابد أن يكون هناك منهج
وقلنا أن الله تعالى واعد موسى أربعين ليلة لكي يتلقي التوراة، وذهب موسى للقاء الله تعالى، ولكن "بنى اسرائيل" وقعوا في فتنة عبادة العجل
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ 

 

يقول تعالى (ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
هنا يذكر الله تعالى الإنعام الرابع على بنى اسرائيل، وهو أنه تعالى بالرغم من أنهم أتوا بذنب هو قمة الذنوب الا أنه تعالى عفا عنهم
والعفو هو محو الذنب
وكلمة العفو جائت من عفت الريح الأثر
لأن العريي كان اذا مشى في الصحراء تكون هناك أثار لأقدامه، ولأقدام بعيره، فاذا جائت ريح فانها تمحو هذا الأثر، فيقال "عفت الريح الأثر" يعنى محته وأزالته
فذكر الله تعالى العفو عن الذنب بمثال محسوس أمامنا
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 

يقول تعالى (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
و"لعل" هنا بمعنى "كي" 
فالمعنى (ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ كي تَشْكُرُونَ)
أي عفونا عنكم كي تشركوا الله تعالى على نعمة العفو
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 

والشكر يكون بثلاث: شكر باللسان، وشكر بالقلب، وشكر بالجوارح، فأما الشكر باللسان فقولك "الحمد لله رب العالمين" وأما شكر القلب فأن يمتلأ قلبك بالرضا عن المُنْعِم، وأما شكر الجوارح فأن تستخدم نعمة الله عليك في طاعته، ولا تستخدمها أبدًا في معصيته، فان حققت هذه الثلاث فأبشر بالزيادة، يقول تعالى ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)
وكفر النعمة يكون باللسان والقلب والجوارح، فأما اللسان فذكر السخط على قدر الله، وأما القلب بأن يكون في قلبك سخط على الله، وأما الجوارح فأن تستخدم نعمة الله عليك في معصيته، فان حدث فانتظر زوال النعمة، قال تعالى عن قرية في تاريخ الامم (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ 

 

وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53)
يعنى واذكروا إِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ، و(الْكِتَابَ ) هو التوراة، وَ"الْفُرْقَانَ" هو الفرق بين الحق والباطل
فموسى –عليه السلام- أوتى أمرين اثنين: التوراة والحكمة التى يفرق بها بين الحق والباطل، والحلال والحرام
وحين يقول الحق (وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ) يعنى "واذكروا إِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ" فهو يتحدث عن الإنعام الرابع على بنى اسرائيل
كأن منهج الله تعالى نعمة ينبغي أن تستقبل من الخلق بالشكر
وشكر هذه النعمة يكون باتباع منهج الله تعالى، ولذلك قال بعدها (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) يعنى "كي تهتدوا وتتبعوا منهج الله"