Untitled Document

عدد المشاهدات : 1634

الفصل التاسع والثلاثون بعد المائة: سرية عيينة بن حصن الفزاري

 أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة  

الجُزْءُ العشرون: الأحداث من "حُنَيْنٍ"  الى "تبوك"

الفصل التاسع والثلاثون بعد المائتين

*********************************

سرية "عيينة بن حصن الفزاري"

 *********************************

 

 *********************************

"بنو تيم" تمنع أخذ الصدقات من "بنى كعب"

أول احداث السنة التاسعة من الهجرة هو أن الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث أحد الصحابة وهو "بشر بن سفيان" لأخذ صدقات "بنى كعب" فأعطوه الصدقات، ولكن "بنو تميم" وكانوا الى جوارهم قالوا لهم:

-        لم تعطونهم أموالكم ؟

فقالوا لهم:

-        نحن أسلمنا ولابد في ديننا من أخذ الصدقة

فقال لهم بنو تميم:

-        والله لا ندع يخرج بعير واحد

واجتمعوا وأشهروا السلاح

سرية "عيينة بن حصن الفزاري"

فلما رأي "بشر بن سفيان" ذلك عاد الى المدينة وأخبر الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فبعث الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الفور سرية قوامها خمسون فارسًا وجعل عليهم "عيينة بن حصن الفزاري" فكان يسير بالليل ويكمن بالنهار، حتى هجم على "بنى تميم"  وأخذ منهم 11 رجلًا، و21 امراة، وكان مع النساء 30 طفلًا، وجاء بهم الى المدينة، وحبسوا في أحد البيوت

فجاء في أثرهم وفد منهم عددهم ثمانون، وفيهم رؤسائهم فلما رأوهم بكي اليهم النساء والأطفال، فدخلوا المسجد، وكان بلال يؤذن لصلاة الظهر، والناس ينتظرون الصلاة، فجاؤوا من وراء حجرات زوجات الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأخذوا ينادون بصوت جاف:

-        يا محمد أخرج الينا

لأن حجرات زوجات الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانت حول المسجد، وهم لا يعلمون الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أي حجرة، فبدلًا من أن ينتظروا خروج الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهم يعلمون أن الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لن يتأخر عليهم، لأن بلال قد أذن للصلاة، وقفوا في وسط المسجد وأخذوا ينادون بأصوات عالية جافة: يا محمد أخرج الينا

فخرج الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد تأذي من صياحهم، ونزل في ذلك قول الله تعالى في سورة الحجرات ((إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ))

 

ثم صلى الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الظهر وجلس اليهم، وعرض عليهم الإسلام، فأسلموا، وبقوا في المدينة مدة يتعلمون الدين والقرآن، ثم رد اليهم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسراهم ونسائهم، وأعطى كل واحد منهم مالًا، ثم رجعوا الى ديارهم

 

الأدب في سورة الحجرات

وهذه الآيات التى نزلت في أول سورة الحجرات، فيها توجيه للمسلمين الى الأدب مع الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولذلك قال العلماء أنه يكره رفع الصوت عند قبره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بل وفي مدينته بعد وفاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما كان يكره في حياته، احترامًا وتوقيرًا للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

وتعلم المسلمون أن هذا الأدب الرفيع ليس مع الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقط ولكن أيضًا مع كل استاذ وعالم، يقول "أبي عبيد" العالم الزاهد "ما دققت بابًا على عالم قط حتى يخرج في وقت خروجه"

 

مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ

وكان من ضمن هذا الوفد "الأقرع بن حابس" وكان من سادات الجاهلية، وحدث أن قَبَّل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "الحسن بن على" وعنده "الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ" وكان "الحسن بن على" عمره خمسة سنوات، فقال "الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ"

-        إِنَّ لِي عَشَرَةَ مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا

و"الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ" يقول هذا ويَفْتَخِرُ أَنَّ لَهُ عَشَرَةَ أَوْلَادٍ ولم يقبل أَحَدًا مِنْهُمْ، ويري أن هذا من الرجولة، لأن الْبِيئَةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا الرَّسُولُ -الْبِيئَةَ الْعَرَبِيَّةَ- كَانَتْ تَرَى رَحْمَةَ الصَّغِيرِ لَوْنًا مِنْ أَلْوَانِ الضَّعْفِ، التى لا تليق بالرجال، فقال لَهُ الرَّسُولُ "مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ"
ولو وضع كل واحد منا هذا الحديث نصب عينيه، لإستقامت الحياة في المجتمع، ولو وضع كل مسئول هذا الحديث على مكتبه لتغير شكل المجتمع كله

  

*********************************

لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا

*********************************