Untitled Document

عدد المشاهدات : 1859

الفصل الثامن والتسعون بعد المائة: زواج الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من السيدة صفية بن حي بن أخطب

  أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة

الجُزْءُ الخامس عشر: ملحمة "خيبر"
الفصل الثامن والتسعون بعد المائة
*********************************
ملحمة خيبر- الجزء الثامن
زواج الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
من السيدة "صفية بن حي بن أخطب"  
*********************************

*********************************
حياة "صفية بن حي بن أخطب" قبل زواجها من الرسول
ذكرنا أن الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد أمر بقتل "كنانة بن ابي حقيق" وكان أحد زعماء اليهود، لأنه كان قد أخفي كنز "بنى النضير" وقد كانت شروط الإستسلام تقضى بان يخرج اليهود من "خيبر" بملابسهم فقط، وأن يتركوا أموالهم وديارهم وسلاحهم، وأن يقتل كل من يخفي مالًا، فلما أخفي "كنانة بن ابي حقيق" أموال "بنى النضير" أمر الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقتله وسبيت زوجته "صفية بن حي بن أخطب"  
و"صفية هي ابنة "حي بن أخطب" أحد زعماء اليهود الذين قتلهم المسلمين 
وكانت متزوجة قبل "كنانة" من "سلام بن أبي حقيق" أحد زعماء اليهود الذين قتلهم المسلمين كذلك
وعندما أخذت "صفية" في السبي، كان عمرها في ذلك الوقت سبعة عشر عامًا
وكانت على صغر سنها قد تزوجت مرتين كما ذكرنا
كانت السيدة "صفية" ذات شرف، فأبوها كان سيد "بنى النضير" وأمها سيدة "بنى قريظة" وكان "بنو النضير" هم أشرف اليهود لأنهم من نسل نبي الله "هارون" حتى كان اليهود يجعلون دية الرجل من "بنى النضير" ضعف غيره من سائر اليهود

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
فلما أُتِيَ الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَبِأُخْرَى مَعَهَا، مَرَّ بِهِمَا بِلَالٌ، عَلَى قَتْلَى مِنْ قَتْلَى يَهُودَ؛ فَلَمَّا رَأَتْهُمْ الَّتِي مَعَ صَفِيَّةَ صَاحَتْ، وَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَحَثَّتْ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا، فقال الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  لبلال:
- أَنُزِعَتْ مِنْكَ الرَّحْمَةُ يَا بِلَالُ، حِينَ تَمُرُّ بِامْرَأَتَيْنِ عَلَى قَتْلَى رِجَالِهِمَا ؟
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصطفي السيدة صفية لنفسه
وطلب "دِحْية الكلبي" أن يأخذ "صفية" من ضمن السبايا، فوافق الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم جاءه أحد الصحابة وراجعه في هذا الأمر، وقال له أن هذه سيدة بنى النضير وبنى قريظة، وابنة زعيم من زعماء اليهود، وزوجة زعيم من زعماء اليهود، فلا يجوز أن تكون الا لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فوافق الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأعطي "دحية" ابنتى عم لصفية، ثم ألقي الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رداءه على السيدة "صفية" فعرف المسلمون أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد اصطفاها لنفسه

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعرض الزواج على السيدة "صفية"
وعرض الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الإسلام على السيدة "صفية" فأسلمت، ثم عرض عليها الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزواج فوافقت 
قال لها الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
- هل لك فيّ؟
فقالت
- يا رسول الله! قد كنت أتمنى ذلك في الشرك، فكيف إذا أمكنني الله منه في الإسلام؟
هكذا تزوجها الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  وجعل صداقها هو عتقها

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الهدف من زواج الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من السيدة صفية
وكان الهدف من زواج الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من السيدة صفية هو: 
- رحمة بالسيدة صفية، بانقاذها من السبي بعد أن كانت من الأشراف، ثم يشرفها بالزواج منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو زعيم المسملين
- تأليف واستمالة قلوب اليهود عندما يكون بينهم وبين الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلاقة نسب، فهذا قد يرقق قلوب اليهود ويفتح قلوبهم للإسلام 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
السيدة "صفية" تخشى على الرسول من اليهود
فلما ترك الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "خيبر" وأصبح على بعد حوالى 10 كم من "خيبر" أراد أن يدخل على السيدة صفية، فامتنعت عنه السيدة "صفية" فوجد منها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
فلما بعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن "خيبر" تزينت له السيدة "صفية" فدخل بها ثم قال لها:
- ما حملك على الامتناع أولاً ؟ 
فقالت: 
- خشيت عليك من قرب اليهود
فزاد هذا الموقف السيدة "صفية" مكانة ومنزلة، عند الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
رؤى السيدة "صفية"
ورأي الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في عين السيدة صفية اخضرارًا، فسألها عن ذلك، فقالت له أنها رأت رؤيا قبل قدوم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكانت عروس لكنانة لإبن ابي حقيق بأن القمر قد جاء ماشيًا من المدينة الى خيبر حتى وقع في حجرها، فلما قصت هذه الرؤيا لزوجها كنانة، لطمها كنانة على وجهها وقال لها:
- مَا هَذَا إلَّا أَنَّكَ لتمدين عنقك إلى أن تكوني عند ملك العرب
قيل أيضًا أن السيدة "صفية" قد رأت قديمًا رؤيا أن ملك يسترها هي والرسول-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقصت هذه الرؤيا على قومها وقالت:
- رأيت كأني، وهذا الذي يزعم أن الله أرسله، وملك يسترنا بجناحيه
فقالوا لها في ذلك قولا شديدا

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
موقف تذكره السيدة "صفية" في طفولتها
أيضًا تقص السيدة صفية موقفًا وقع في طفولتها بعد هجرة الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكانت في ذلك الوقت طفلة لا يتجاوز عمرها عشرة أعوام، تقول السيدة صفية
- لم يكن أحد من ولد أبى وعمى أحب إليهما منى، لم ألقهما في ولد لهما قط أهش إليهما إلا أخذاني دونه، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء، غدا إليه أبى وعمى أبو ياسر بن أخطب صباحًا، فو الله ما جاءانا إلا مع مغيب الشمس، فجاءانا فاترين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى، فهششت إليهما كما كنت أصنع، فو الله ما نظر إلى واحد منهما، فسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي: أهو هو؟ قال: نعم والله! قال: تعرفه بنعته وصفته؟ قال: نعم والله. قال: فماذا في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت!

قال: فماذا في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت!
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
غيرة السيدة "عائشة" من "صفية"
ولما قدم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الى المدينة ومعه السيدة "صفية" سمع بجمالها نساء الأنصار، فجئن ينظرن اليها، وجائت معهن السيدة عائشة وهي منتقبة تخفي وجهها تريد أن تري السيدة صفية، فلما رآها الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عرفها فلما خرجت خرج ورائها ثم أخذ بثوبها وقال لها: كيف رأيتِ ؟ قالت: رأيت يهُودِيَّة بين يهوديات 
فقال لها الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "لا تقولي هذا ، فقد أسلمت"
 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدافع عن السيدة "صفية"
وفي دور النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانت عائشة ومعها حفصة وسودة في جانب وسائر زوجات النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في جانب، وحاولت السيدة "صفية" التقرب لضرائرها، ولكن كان كثيرًا ما توجه اليها الإهانات والسهام الجارحة تعرض بأصلها اليهودي، وكان الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدافع عنها ويقف الى جوارها
من ذلك أن السيدة "صفية" اشتكت الى الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهي تبكي أن "عائشة" و"حفصة" تكلما وقالا نحن أكرم على الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منك فنحن بنات عمه وكذا وكذا
فمسح الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دموعها بيده وقال لها:
- ألا قلت: وكيف تكونان خيرًا منى، وزوجي محمد، وأبي هارون، وعمي موسى
وكانت السيدة "صفية" ينتهي نسبها الى نبي الله "هارون" عليه السلام
 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
حماية الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للسيدة صفية
ومن حماية الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للسيدة صفية أنها كانت في سفر مع الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هي والسيدة "زينب بنت جحش" فاعتل بعير "صفية" وبرك بها وكان مع "زينب" ابل زائدة، فطلب الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من السيدة زينب أن تعطي بعيرًا لصفية، فرفضت السيدة زينب وردت في ترفع: 
- أنا أعطي يهوديتك
فغضب الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وترك السيدة زينب لا يتحدث اليها، حتى عاد الى المدينة، ثم ظل بعد ذلك شهرين لا يتكلم معها 

رفضت السيدة زينب وردت في ترفع " أنا أعطي يهوديتك"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
حماية الرَسُولُ للسيدة صفية حتى آخر أيامه
واستمرت حماية الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للسيدة صفية حتى آخر أيامه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- روي أن أمهات المؤمنين اجتمعن حول فراشه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مرضه الأخير، فقالت السيدة صفية:
- أني والله يا نبي الله، لوددت أن الذي بك بي
فتبادلن زوجات النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النظرات وتغامزن، فقال لهن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
- مضمضن
فقالوا في دهشة: 
- من أي شيء ؟ 
فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
- من تغامزكن بها، والله انها لصادقة ؟


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
حلم السيدة "صفية" ووقارها
وبعد وفاة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم ينس الناس انحدارها من سلاسة اليهود بالرغم من حسن اسلامها –رضى الله عنها- وزوجها من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لدرجة أن جارية لها أتت "عمر بن الخطاب" وقالت:
- يا أمير المؤمنين ان صفية تحب السبت، وتصل اليهود
فأرسل اليها "عمر بن الخطاب" يسألها عن ذلك، فأرسلت اليه تقول:
- أما السبت فاني لم أحبه منذ أبدلنى الله به الجمعة، واما اليهود فن لي فيهم رحمًا فأنا اصلها
ثم سألت جاريتها: 
- ما حملك على ما صنعت ؟ 
قالت: 
- الشيطان
قالت: 
- فاذهبي، فأنت حرة 
وهكذا كانت السيدة صفية معروفة بالعقل والحلم والوقار والدين
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
السيدة "صفية" في زمن الفتنة 
وعندما وقعت أحداث الفتنة الكبري والتى بدأت في آخر عهد "عثمان" كانت السيدة "صفية" تنقل الطعام والماء الى عثمان وهو في محنة الحصار
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وفاة السيدة "صفية"
وماتت السيدة "صفية" سنة 50 هجرية والأمر مستقر لمعاوية وأوصت بألف دينار للسيدة عائشة، كما أوصت ببعض المال لأخ لها يهودي، ودفنت بالبقيع رضى الله عنها

قبر السيدة "صفية" بالبقيع
*********************************

لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا

*********************************