Untitled Document

عدد المشاهدات : 5726

الفصل السادس: بئر زمزم- الجزء الثاني -قصة حفر أبو طالب لبئر زمزم

 أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة

الفصل السادس

أحداث قبل بعثة النبي –صلى الله عليه وسلم-

بئر زمزم- الجزء الثاني

((قصة حفر أبو طالب لبئر زمزم))

ظلت "زمزم" مندثرة" مائة عام كاملة، حتى حفرها بعد ذلك "عبد المطلب" جد النبي –صلى الله عليه وسلم- وكان لحفر عبد المطلب لزمزم قصة أخري:

والذي قص لنا هذه القصة هو "على بن أبي طالب" عن جده عبد المطلب أن "عبد المطلب" كان نائمًا في حجر اسماعيل، و حجر اسماعيل هو الحائط على شكل نصف دائرة أو قوس والموجود في شمال الكعبة

رأي "عبد المطلب" رؤيا أن صوتًا يقول به: احفر طيبة، فقال عبد المطلب: وما طيبة ؟ وانتهت الرؤيا، وطيبة في اللغة هو الشيء الطيب، وهو عكس الخبيث

في اليوم التالي نام "عبد المطلب" في نفس المكان، ورأي في نومه أن صوتًا يقول له: احفر برة، قال عبد المطلب: وما برة ؟ وانتهت الرؤيا، و"برة" كلمة مشتقة من البر، يعنى تبر بمن يشرب منها وتنفعه

في اليوم الثالث، نام "عبد المطلب" في حجر اسماعيل، ورأي في نومه أن صوتًا يقول له: احقر المضنونة، قال: وما المضنونة، واختفي الصوت وانتهت الرؤيا، والمضنونة هو الشيء الذي يضن به لنفاسته

في اليوم الرابع، نام "عبد المطلب" ويمع الهاتف هذه المرة يقول له: احفر زمزم، فقال: وما زمزم ؟ فأجابه الهاتف هذه المرة يقول:  لا تنزف أبدا ولا تذم تسقى الحجيج الاعظم، وهى بين الفرث و الدم،عند قرية النمل، عند نقرة الغراب الاعصم

و "زمزم" بالرغم من أنها كانت مطمورة منذ سنوات طويلة جدًا الا أنها كانت معروفة عند أهل مكة، ومعنى "لا تنزف أبدا" يعنى لا ينفذ ولا ينتهي مائها

حجر اسماعيل: حيث رأي "عبد المطلب" الرؤيا 

ولكن "عبد المطلب" لم يفهم ما معنى "هى بين الفرث و الدم،عند قرية النمل، عند نقرة الغراب الاعصم" الفرث هي أحشاء الذبيحة، وقرية النمل أي بيت نمل، والغراب الأعصم هو الغراب الذي يوجد على جناحه ريش أبيض

ومع ذلك قام "عبد المطلب" ومعه ابنه "الحارث بن عبد المطلب" وكان هو ولده الوحيد في ذلك الوقت، وأخذ معوله وأدوات الحفر، وذهب الى حيث الكعبة، ووقف يجيل بصره في المكان بحثُا عن العلامات التى سمعها في الرؤيا، وبينما هو كذلك جاء أناس ومعهم بقرة ليذبوحها عند أحد الأصنام حول الكعبة، وعنما ذبحوها سالت دماؤها، ثم أخرجوا أحشائها، فعلم أن هذه هي أول علامة، وهي "بين الفرث والدم"

ثم أخذ يتأمل في الأرض يبحث عن قرية النمل، فوجد قرية كبيرة من النمل، فعلم أن هذه هي العلامة الثانية

ثم نزل غراب أعصم، أي غراب على جناحه ريش أبيض، ونقر في الأرض، وهكذا حددت الرؤيا بدقة شديدة المكان الذي يحفر فيه "عبد المطلب"

وبدأ "عبد المطلب" يحفر ومعه ابنه "الحارث بن عبد المطلب" وأخذت قريش تسأله عما يفعل، فقال لهم أنه يحفر بئر زمزم فأخذوا يسخرون منه، حتى انتهي بالفعل الى البئر

ولكن قريش اجتمعت عليه وقالوا له: يا عبد المطلب هذا بئر أبينا اسماعيل، وان لنا فيه حقًا، فأشركنا معك فيه، ورفض عبد المطلب وقال: هذا أمر قد خصصت به من دونكم، وأعطيته من بينكم، وأصرت قريش على رأيها، حتى قال لهم عبد المطلب: أجعلوا بينى وبينكم من شئتم يحكم بيننا، فاختاروا كاهنة موجودة بأطراف الشام، يطلق عليها كاهنة "سعد بن هذيم"

 

 "عبد الله غيث" أحد الذين جسدوا دور "عبد المطلب" في الدراما

شعر "عبد المطلب" حين خاصمته قريش في "زمزم" أنه قد قهرته، واستضعفته لأنه ليس له الا ولد واحد هو "حارثة" فدعا الله تعالى أن يرزقه عشرة من الولد، ونذر ان رزق عشرًا من الولد أن يذبح أحدهم قربانًا لله تعالى

ركب الى الكاهنة "عبد المطلب" وركب مجموعة من كل بطن من بطون قريش، وبينما هم في الطريق نفذ منهم الماء، وأوشكوا جميعًا على الهلاك، حتى أشار عليهم عبد المطلب بأن يحفر كل رجل حفرته، فكلما مات رجل يدفعوه فيها، وبالفعل حفر كل رجل لنفسه حفرة، وقعدوا ينتظرون الموت عطشًا

ثم قال لهم "عبد المطلب" ان انتظارنا الموت هكذا لعجز، فعسي ان ارتحلنا أن يرزقنا الله تعالى ماء  ببعض البلاد، وبالفعل قاموا، وما ان قامت راحلة "عبد المطلب" حتى انفجر من تحت خفها ماء عذب فشربوا جميعًا وملئوا أسقيتهم

فقالت جميع قريش: ان الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة هو الذي سقاك زمزم، والله لا نخاصمك في زمزم أبدا، ورجع ورجعوا جميعًا ولم يكملوا طريقهم الى الكاهنة بالشام

بئر زمزم قديمًا 

بقي أن نقول أن بئر زمزم هو أشهر بئر على وجه الأرض

ومن فضل زمزم قول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "ماء زمزم لِما شُرب له" أخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقي

ويقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام الطُعم، وشفاء السقم" ومعنى " طعام الطُعم" يعنى الذي يشرب ماء زمزم كأنه أكل طعامًا

ولذلك يقول أبو ذر الغفاري: لقد لبثتُ ثلاثين ليلة ويوماً، ما كان لي طعام إلا ماء زمزم؛ فسمنت حتى تكسرت عُكَنُ بطني (أي انطوت ثنايا البطن من السُّمنة) وما وجدت على كبدي سخفة جوع (وسخفة الجوع: ما ينشأ عن الجوع من ضعف وهزال

ومن فضل زمزم أن منبعه تحت الأرض من ثلاث جهات: جهة الصفا، وجهة المروة، وجهة الركن الأسود