Untitled Document

عدد المشاهدات : 3473

خطبة: قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُون 2

قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُون

(2/2)

الخطيب: الشيخ/ وائل فوزي

تاريخ الخطبة: 1430- 2009

المكان: مسجد "السيدة مريم- عليها السلام" بمنطقة الهجانة

مدة الخطبة: 30 دقيقة

 

أما بعد

o   تحدثنا في الجمعة السابقة عن قول الله تعالى ((قد أفلح المؤمنون)) وبدأنا الخطبة بما رواه الترمذي والنسائي عن عمر بن الخطاب –رضى الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "لقد أنزل علىَّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة" ثم قرأ ((قد أفلح المؤمنون)) حتى ختم العشر

o      وقلنا أن معنى ((أفلح)) أي فازوا وسعدوا ونجحوا، وأدركوا أقصى ما تتطلع اليه النفس من خير

o   ثم تناولنا أول صفات المؤمنين وهي صفة الخشوع الصلاة، وقلنا أن الخشوع في الصلاة: هو حضور القلب بين يدى الله تعالى، مستحضراً لقربه، فيسكن لذلك قلبه، وتطمئن نفسه، وتسكن حركاته، ويقل التفاته، ويستحضر كل ما يقوله ويفعله في صلاته، من أول صلاته الى آخرها، وهذا روح الصلاة والمقصود منها

o      ثم تحدثنا عن كيفية الخشوع في الصلاة، وتوقفنا عند حكايات الخاشعين، وسنبدأ بالرسول –صلى الله عليه وسلم-

1.  تقول السيدة عائشة "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحدثنا ونحدثه فإذا حضرت الصلاة فكأنه لم يعرفنا ولم نعرفه" وذلك اشتغلاً بعظمة الله تعالى

2.  ورد في مسلم أن حذيفة بن اليمان يقول: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول "سبحان ربي العظيم" فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال "سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد" ثم قام طويلا، قريبا مما ركع، ثم سجد فقال "سبحان ربي الأعلى" فكان سجوده قريبا من قيامه

طبعاً هذه صلاة خاشعاً لله تعالى، وصلاة مستمتع بصلاته، لأن الله تعالى يقول في سورة البقرة ((واستعينوا بالصبر والصلاة وانها لكبيرة الا على الخاشعين)) فالصلاة بلاخشوع تكون ثقيلة على النفس، مهما صلاها الإنسان بسرعة، أما الصلاة بخشوع فأنت لا تشعر بها مهما كانت طويلة، قد تكون تصلى خلف امام، وأنت تستمع الى قرائته في خشوع، فتتمنى ألا يتوقف، وقد تكون في سجدة خاشعا فيها تتمنى ألا تنتهي منها أبداً

3.  لقد استوقفني وأنا أقرأ في تفسير قوله تعالى ((وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة000 الآية)) وهو الآية التي تتناول تشريع وكيفية صلاة الخوف، سب نزول هذه الاية أنه كان في احدى المواجهات مع المشركين، فال المشركون: تأتي عليهم الآن صلاة هي أحب اليهم من أبنائهم وأنفسهم، فنزل جبريل بهذه الايات بين الظهر والعصر

4.  روى أن الصديق –رضى الله عنه- كان في صلاته كأنه وتد، وكان يسكن في ركوعه حتى تقع العصافير على ظهره

5.     عمر بن الخطاب كان هناك خطين أسودين في وجهه، من كثرة بكائه بين يدي ربه في الصلاة

6.     عثمان بن عفان كان يختم القرآن كله في ركعة واحدة

7.  وكان "على بن أبي طالب" اذا حضر وقت الصلاة يتزلزل ويتلون وجهه، فقيل له: مالك يا أمير المؤمنين ؟ قال: جاء وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملتها

8.  حفيده "على زين العابدين" كان اذا توضأ اصفر لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتيرك عند الوضوء؟ فيقول: أتدرون بين يدى من أريد أن أقوم

9.  انظر "عباد بن بشر" كان يحرس المسلمين في أحد الغزوات، فقام يصلى في الليل، ثم جاء أحد المشركين ورماه بسهم، فوقع السهم في بطنه، فَنَزَّعَ السهم واستمر في صلاته، ثم رماه بسهم آخر فوقع في بطنه، فَنَزَّعَ السهم كذلك واستمر في صلاته، ثم رماه بسهم ثالث فجاء في مقتل، جاء في صدره، فلم يستطع الإحتمال، فأيقظ "عمار بن ياسر" لأنه كان يتناوب معه الحراسة، فقال له عمار: لماذا لم توقظني عندما رميت أول مرة، فيقول عباد: كنت أقرأ في آيات فلم اشأ أن أقطعها

10.          مسلم بن يسار كان اذا أراد الصلاة يقول لأهله: تحدثوا أنتم فإني لست أسمعكم، ويروى أنه كان يصلى في جامع البصرة، فسقطت ناحية من المسجد فاجتمع الناس لذلك، فلم يشعر بهم حتى انصرف من الصلاة

11.          من أروع الأمثلة للخشوع في الصلاة "عروة بن الزبير" ابن "الزبير بن العوام" أحد العشرة المبشرون بالجنة، وأمه السيدة "أسماء بنت أبي بكر" وخالته السيدة عائشة، أصيبت قدمه، وأجمع الأطباء على ضروة بتر ساقه، فما هَمَّ الجراح بذلك تقدم نحوه طائفة من الرجال فقال: ما هؤلاء ؟ قيل له: لقد جِيء بهم ليمسكوك، فربما اشتد عليك الألم فجذبت رجلك جذبة أضرت بك، فقال: ردوهم، وإني أرجو أن أكفيكم ذلك بالصلاة، ودخل في الصلاة، وهو ساجد جاء الطبيب فقطع رجله، وهو لا يتحرك، وهم يسمعونه يقول: لا إله الا الله والله أكبر

12.                        سأل "حاتم الأصم" عن صلاته فقال:

اذا حان وقت الصلاة، أسبغت وضوئي، وأتيت الموضع الذي اريد الصلاة فيه، فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحي

ثم اقوم الى صلاتي، وأجعل الكعبة بين حاجبيَ، والصراط تحت قدمي، والجنة عن يميني، والنار عن شمالي، وملك الموت ورائي، وأظنها آخر صلاتي

ثم أقوم بين الرجاء والخوف، وأكبر تكبيراً بتحقيق، وأقرأ قراءة بترتيل، واركع ركوعاً بتواضع،واسجد سجوداً بتخشع،ثم لا أدرى أقبلت صلاتي أم ل

((والذين هم عن اللغو معرضون))

واللغو هو كل ما هو لاخير فيه ولافائدة منه، واذا كانوا معرضين عن اللغو فاعراضهم عن المحرم من باب أولي وأحرى

فالمؤمنين من صفاتهم الحميدة التى تذكرها هذه الآيات الكريمة، هي كف السنتهم عن المحرمات وعن اللغو

1.     يقول تعالى ((اذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد))

2.  ونحن نحفظ الحديث الشريف الرسول –صلى الله عليه وسلم- يقول لمعاذ بن جبل في موعظة طويلة "ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟" قلت: بلى يا رسول الله، فأمسك بلسانه وقال: "كف عليك هذا" فيقول معاذ: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على مناخرهم" يعني أنوفم، وفي رواية ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم" حديث صحيح رواه الترمذي

3.  ونحفظ كذلك الحديث الصحيح الذي رواه البخارى "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن الله واليوم الآخر فليقل خيراً او ليصمت"

4.     وعنه –صلى الله عليه وسلم- يما روى الألباني أنه قال "من حفظ ما بين لحييه ورجليه دخل الجنة"

5.  وسأل الرسول –صلى الله عليه وسلم- عن أكثر ما يدخل الجنة، فقال "تقوى الله وحسن الخلق" وسئل عن أكثر ما يدخل النار، فقال "الأجوفان: الفم والفرج" رواه أحمد وابن ماجه والألباني

6.  وعن سعيد بن جبير أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال " إذا أصبح ابن آدم أصبحت الأعضاء تستعيذ من شر اللسان وتقول: اتق الله فينا، فإنك إن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا" رواه الترمذي

7.  يقول عقبة بن عامر: لقيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فأمسكت بيده، وقلت: يارسول الله ما النجاة ؟ قال "أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك" وفي رواية "أملك عليك لسانك" وفي رواية "خزن لسانك" أخرجه الترمذي

8.  وروى أن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: يا رسول الله، حدثني بأمر اعتصم به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل ربي الله، ثم استقم، قلت: يا رسول الله، ما أخوف ما تخاف علي ؟ قال: هذا، وأشار إلى لسانه

9.  قيل لعيسي –عليه السلام- : دلنا على عمل ندخل به الجنة، قال: لا تنطقوا ابداً، قالوا: لا نستطيع ذلك، فقال: فلا تنطقوا الا بخير

10.                        يقول سليمان بن داود –عليهما السلام- "إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب"

11.                        وكان أبو كر الصديق يضع حصاة في فمه يمنع ها نفسه عن الكلام

12.          ودخل عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق –رضى الله عنهما- فوجده يمسك لسانه بيده، فقال: ما تصنع يا خليفة رسول الله ؟ فقال: هذا الذي أوردنى الموارد

13.                        ويقول عبد الله بن مسعود: والله الذي لا إله إلا هو ما شيء أحوج الى طول سجن من لسان

14.                        وقال طاوس: لساني سبع إن ارسلته أكلنى

15.                        المنصور بن المعتز لم يتكلم كلمة بعد صلاة العشاء اربعين سنة

16.          وقيل أن الربيع بن خيثم ما تكلم كلمة من كلام الدنيا عشرين سنة، وكان اذا أصبح وضع دواة وقرطاساً وقلماً، فكل ما تكلم به كتبه، ثم يحاسب نفسه عن المساء

 

((والذين هم للزكاة فاعلون))

والمقصود بالزكاة هنا هي: زكاة الأموال وزكاة النفوس أيضاً، أي تطهيرها من الدنس

وكلمة الزكاة لها معنيان: المعنى الأول هو "التطهير" لأن الإنسان في حال جمعه المال قد تصيبه الغفلة، فيخالط ماله ما فيه شبهة، فيكون تطهير هذا المال بالزكاة

المعنى الثاني للزكاة هو: النماء

ولذلك عندما تحدث الله تعلى عن الربا، جمع المتناقضات في آية واحدة، فالربا يزيد المال ظاهرياً، فيأخذ المرابي المائة، مائة وعشراً مثلاً، في حين تنقص الزكاة المال ظاهرياً، فالمائة بعد الزكاة تصبح سبعة وتسعين ونصفاً، ولكن تأتي الآية الكريمة في سورة البقرة لتضع أمامك المقياس الحقيقي ((يمحق الله الربا ويربي الصدقات)) فالربا اذي تظنه زيادة هو في حقيقة الأمر "مَحْقٌ" والزكاة التى تظنها نقصاً هي بركة وزيادة ونماء

 

((والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين))

والمقصود بفروجهم أي سوءة الرجل والمرأة، وهذه الأعضاء لها مهمتان: إما اخراج مخلفات الإنسان، أو حفظ النسل، فالمقصود بقوله تعالى حافظون، أي حفظها على المهمة التى خلقت من أجلها

و "ملك اليمين" حلال لم يعد له موضع، لأنه أمر حرمه القانون البشرى الدولي، وهو قانون ألزمت نفسك به وارتضيته

وقد استدل الشافعي وغيره بهذه الآية الكريمة على تحريم الإستنماء باليد، أو ما يطلق عليه العادة السرية، لأنه ليس فيها حفظ للفرج على المهمة التى خلق من أجلها

 

((فأولئك هم العادون))

أي الذين تعدوا ما أحل الله تعالى الى ما حرمه، المجترئون على محارم الله

 

((والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون))

وهذه الآية عامة في جميع الأمانات، التى هي حق لله والتى هي حق للعباد

لذلك يقول تعالى ((إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فابين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً)) أي ظلوماً لنفسه جهولاً بأمر ربه، فجميع ما أوجبه الله تعالى على عباده أمانة، على العبد حفظها بالقيام التام بها

ثم هناك حق العباد، كأمانات الأموال والأسرار وغير ذلك يقول تعالى ((إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها))

فعلى العبد مراعاة الأمرين، وأداء الأمانتين

أيضا العهد يشمل العهد الذي بينك وبين ربك، والذي بينك وبين العباد، وهيى الإلتزامات والعقود التي يعقدها العبد، فعليه مراعاتها والوفاء بها، ويحرم عليه التفريط فيها وإهمالها

ولا يكون كصفات المنافقين الذين قال فيهم الرسول –صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح المتفق عليه "آية المنافق ثلاث: اذا حدث كذب، واذا وعد أخلف، واذا أؤتمن خان"

 

 

 

 

((والذين هم على صلواتهم يحافظون))

افتتح الله تعالي صفات المؤمنين الحميدة بالصلاة، واختتمها كذلك بالصلاة، وذلك يدل على أفضليتها

والملاحظ أن الله تعالى بدأ بذكر الخشوع في الصلاة، ثم تحدث عن المحافظة على الصلاة، مع ان المنطقي أن تتحدث أولاً عن المحافظة على الصلاة ثم تذكر الخشوع في الصلاة، قالك الحق –سبحانه وتعالى- يري أن يقول لك أن المحافظة على الصلاة أمر مفروغ منه في حق المؤمنين، كما تقول لإبنك: اريدك أن تنتبه لشرح المدرس أثناء الدرس، معنى هذا أن ذهابه للمدرسة وحضوره الحصص الدراسية أمر مفروغ منه، هنا أيضاً: المحافظة على الصلاة في أوقاتها أمر هام جداً، ولكن الحق يريد أن يقول لك أن هذا أمر مفروغ منه في حق المؤمنين، والذي يوصيك به هو الخشوع في الصلاة

((والذين هم على صلواتهم يحافظون))

ولذلك يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- فيما رواه النووى عن عبد الله بن عمر بن العاص "استقيموا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة"

يقول ابن مسعود: سألت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله أي العمل أحب الى الله ؟ قال "الصلاة في اول وقتها" قلت: ثم اي ؟ قال "بر الوالدين" قلت: ثم أي ؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" والحديث رواه البخاري ومسلم

وروى البيهقي عن أنس بسند ضعيف أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "من صلى صلاة لوقتها، وأسبغ وضوءها، واتم ركوعها وسجودها، وخشوعها، عرجت بيضاء مسفرة تقول: حفظك الله كما حفظتني، ومن صلى لغير وقتها، ولم يسغ وضوءها، ولم يتم ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها، عرجت وهي سوداء مظلمة تقول: ضيعك الله كما ضيعتني، حتى اذا كانت حيث شاء الله لفت كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجهه"

اذن فأفضل الأعمال على الإطلاق هو الصلاة في أول الوقت، لأن أداء الصلاة له وقت فضيلة، وله وقت عادى، وله وقت كراهة، وقت الفضيلة يكون في أول الوقت، في أول نصف ساعة، ثم وقت الكراهة في آخر الوقت، الوقت العادى بينهما

ثم أنت ستصلى ستصلى، فلماذا تؤخر الصلاة

 

((أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون))

((أولئك)) أي الموصوفون بتلك الصفات

((هم الوارثون)) لأنه ما من عبد الا وله منزلان: منزل في الجنة ومنزل في النار، فالكافر له منزل في الجنة، لأنه خلق لعبادة الله وحده لا شريك له، فاذا دخل الكافر النار أحرز المؤمن نصيبه في الجنة، وورث منزله

((الذين يرثون الفردوس)) والفردوس هو أفضل منازل الجنة، يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه البخاري "اذا سالتم الله الجنة فاسالوه الفردوس فإنه أعلى الجنة، وأوسط الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن"

 

*        *        *

 

 

 

 

الخُطبة الثانية

 

هناك سؤال: هل يجوز للمسلم، أن يهدي غير المسلم، ويعوده اذا مرض، ويهنئه

ثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قبل الهدية من غير المسلمين، ومن ذلك قصة اسلام سلمان الفارسي، فسلمان كان يعلم من الكتب السابقة أن هناك ثلاثة علامات يريد أن يختبرها في الرسول –صلى الله عليه وسلم- أنه لا يأكل الصدقة، ويقبل الهدية، ثم خاتم النبوة، فجاء الى الرسول –صلى الله عليه وسلم- برطب ووضعه بين يديه، فقال له الرسول –صلى الله عليه وسلم- ما هذا يا سلمان ؟ فقال له: صدقة عليك وعلى أصحابك، فقال له: ارفعها فانا لا نأكل الصدقة، ثم في يوم آخر فعل كذلك وقال له: ما هذا يا سلمان: قال: هدية لك، فأكل منها –صلى الله عليه وسلم- الشاهد من القصة أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قبل هدية سلمان ولم يكن قد أسلم سلمان بعد

كذلك ثبت أن أهدي له قيصر فقبل منه، وأهدى له مقوقس مصر كسوة وبغلة وجاريتين، إحداهما أم ابراهيم –رضى الله عنها- فقبل منه

وعلى ذلك فالذي عليه العلماء، والذي ذهب اليه فضيلة المفتي أنه يجوز قبول الهدية من غير المسلم، ويجوز الإهداء له، ويجوز تهنئته، وتعزيته، وزيارته، والأصل في ذلك كله هو قول الله تعالى في سورة الممتحنة ((لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم، أن تبروهم وتقسطوا اليهم، إن الله يحب المقسطين)) وهذا كله من باب الإحسان/ وقد أمر تعالى بالإحسان دائماً فقال ((إن الله يأمر بالعدل والإحسان)) كما قال ((وقولوا للناس حسنا)) فقال تعالى للناس دون تفريق

وهذا أحد أشكال الدعوة الى دين الله