Untitled Document

عدد المشاهدات : 931

الحلقة (340) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تدبر الآيات (17) و(18) و(19) من سورة "المائدة" قول الله -تَعَالي- (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ

تَدَبُر القُرْآن العَظِيم
الحلقة (340)
تدبر الآيات (17) و(18) و(19) من سورة "المائدة" (ص 110)

❇        

(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19)
❇        

(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)
يعنى لَقَدْ كَفَرَ النصارى الَّذِينَ يقولون أن الْمَسِيحُ–عليه السلام- هُوَ اللَّهَ.
بالرغم من أنه لا يوجد نص واحد في الأناجيل الربعة يصرح فيها المسيح ويقول (أنا الله)
والسيدة مريم هي المرأة الوحيدة التي ذكرت في القرآن باسمها، وقد ذكر اسم السيدة مريم في القرآن ثلاثون مرة.
قال بعض أهل العلم أن السبب ان العرب لم تكن تذكر المرأة الحرة باسمها، وانما تذكر الأمة فقط باسمها.
كما نقول الآن عن الزوجة: أم فلان أو أم العيال أو الجماعة أو المدام أو اللي في البيت، انما الشغالة ستقول سعدية أو صباح أو أي اسم.
فذكر تعالى السيدة مريم باسمها ليدل على أنها عبدة لله تعالى، لأن بعض طوائف النصاري تعتبرها أحد أضلاع الثالوث المقدس.
وهذا الطرح لا نوافق عليها ، لأنه يعنى أنه تعالى ذكر اسمها للتقليل من شأنها، وهذا أمر غير وارد، ولذلك نقول أن السيدة مريم هي المرأة الوحيدة التي ذكر اسمها في القرآن تكريمًا وتشريفًا لها.

❇        

(قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا)
يعنى قُلْ لهم يا محمد من يستطيع أن يمنع الله تعالى اذا أراد أن يهلك يعني يميت المسيح –عليه السلام- وأن يميت أمه السيدة مريم –عليها السلام- وأن يميت كل مَنْ فِي الْأَرْضِ.
فكيف يكون المسيح –عليه السلام- ألاهًا وهو لا يستطيع أن يدفع الموت عن نفسه او عن أمه أو عن أي أحد.

❇        

والتعبير بقوله تعالى (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) يعنى لا أحد يملك من افعال اللَّهِ شَيْئًا، فلا يستطيع أحد أن يمنع شَيْئًا من مراده تعالى، ولا يستطيع أحد أن يحمله تعالى على أمر لا يريده.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا) فالله تعالى يملك السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَ يملك مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ.

❇        

(يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
يعنى يمكن أن يهلك الله تعالى كل مَنْ فِي الْأَرْضِ ثم يخلق خلقًا جديدًا (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
وأيضًا قوله تعالى (يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) يعنى الله تعالى يخلق عامة الخلق من الذكر والأنثى، ويمكن أن يخلق من غير ذكر ولا أنثى كما خلق آدم –عليه السلام- ويمكن أن يخلق من انثى بلا ذكر كما في خلق عيسي –عليه السلام-

❇        

(وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) 
(وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)
يعنى قَالَتِ الْيَهُودُ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، وَقَالَتِ النَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ.
وهذا أمر ذكر كثيرًا سواء في التوراة أو في الانجيل
وسبب نزول هذه الآية أن جماعة من اليهود جاءوا الى الرسول ﷺ وأخذ الرسول ﷺ يدعوهم الى الاسلام ويخوفهم عذاب الله، فقالوا: ما تخوفنا يا محمد نحن والله أبناء الله وأحبـاؤه

❇        

(قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) 
يعنى قُلْ لهم يا محمد: اذا كنتم أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ كما تقولون، فلِمَ يُعَذِّبُكُمْ الله تعالى بِذُنُوبِكُمْ.
لأنهم معترفون ومقرون بأن الله تعالى سيعذبهم، يقول تعالى (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً) يعنى قال اليهود أنهم لن يعذبوا في النار إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً، وهي أربعين يومًا، وهي مدة عبادة أسلافهم للعجل، فكيف يعذبكم الله وأنتم أبناءه وأحباؤه، فالأب لا يعذب ابنه، والحبيب لا يعذب حبيبه.

❇        

(بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ)
بل أنتم خلق من بنى أدم، ان أحسنتم غفر الله لكم ذنوبكم بفضله واحسانه، وان اسأتم عذبكم على ذنوبكم، وقدم الله المغفرة عن العذاب وهذا من رحمته تعالى.
حتى نحن كمسلمون، الخيرية عندنا مشروطة بطاعة الله عز وجل، يقول تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) أي اليه وحده مصير الناس ورجوعهم

❇        

(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19)
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ (والنداء لليهود والنصاري
(قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا) وهو محمد ﷺ
(يُبَيِّنُ لَكُمْ) يعنى يوضح لكم ويرشدكم الى دين الله.
(عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) يعنى بعد مرحلة من التاريخ خاملة ليس فيها رسل.
لأن الفترة هي السكون والهدوء، كما تقول أشعر بفتور أي بتعب وعدم قدرة على الحركة، وكانت العرب تقول "امرأة فاترة" يعنى هادئة
فقوله تعالى (عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) يعنى بعد مرحلة انقطاع من الرسل
لأن المدة بين بعثة عيسي -عليه السلام-  والرسول ﷺ هي أطول فترة بين رسول ورسول، وهذه الفترة هي حوالى ستمائة سنة 
لأن الرسول ﷺ بعث سنة ستمائة وعشرة من ميلاد المسيح -عليه السلام- وغير معروف بالضبط سنة بعثة المسيح، ولذلك نقول لأن المدة بين بعثة عيسي -عليه السلام-  والرسول ﷺ حوالى ستمائة سنة 
والفترة قبل بعثته ﷺ تحدث عنها الرسول ﷺ فقال "إِنَّ اللهَ نظر إلى أهْلِ الْأَرْضِ، فمقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وعَجَمَهُمْ، إِلَّا بقَايَا من أهْلِ الْكِتَابِ"

❇        

(أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ) يعنى لكي لا تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ.
ومعنى (بَشِيرٍ) يعنى يبشر من أطاعه بالثواب العظيم، ومعنى (نَذِيرٍ) يعنى ينذر من عصاه بالعقاب الأليم
(فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ) فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ، وهو محمد ﷺ
(وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فهو تعالى قادر على عقاب من عصاه وقادر على ثواب من أطاعه

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇