Untitled Document

عدد المشاهدات : 837

الحلقة (324) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم تدبر الآيات من (165) الى (170) من سورة "النِسَاء" (ص 104) قول الله -تَعَالي- (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيم

تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم
الحلقة (324)
تدبر الآيات من (165) الى (170) من سورة "النِسَاء"(ص 104)

        

رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170)
        

رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)
أي أن الله تعالى ارسل هؤلاء الرسل (مُبَشِّرِينَ) من أطاع الله بالثواب العظيم (وَمُنْذِرِينَ) من عصى الله بالعذاب الأليم
(لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) فَيَقُولُونَ: مَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا.
وهذا من عدل الله تعالى، ومن تلطفه مع عباده، والا فان الله تعالى كان يمكن أن يحاسب عباده بعلمه.

        

وهذا رد على كثير من الأسئلة التي ترد: ما حكم الذين كانوا موجودون قبل بعثة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما حكم الذين لم تصل اليهم رسالة الإسلام ؟ وما حكم من تصل اليه رسالة الاسلام مشوهة كما هو الوضع الآن. 
نقول دع الحكم في هذه الأمور لله تعالى، لأن الله تعالى أرحم منك وأعدل منك، ومن رحمته تعالى وعدله أن قال (لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) فلن يعاقب الله أحد ويكون له حُجَّةٌ أمام الله تعالى يوم القيامة أبدًا.
(وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) 
(عَزِيزًا) لا يُغْلَب.
(حَكِيمًا) يضع كل شيء في موضعه.

        

(لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166) 
يقول تعالى في سورة الرعد (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) 
يعنى الله تعالى أمر الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأن يطلب شهادة أهل الْكِتَاب وهم اليهود والنصاري بأنه رسول من عند الله تعالى، لأن صفته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مذكورة في كتبهم بمنتهي الدقة.
فلما امتثل الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وطلب شهادة أهل الكتاب، قالوا له: لا نشهد أنك رسول من عند الله 
فخاطب الله تعالى رسوله وقال (لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)

        

يقول تعالى (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) يعنى الله تعالى أنزل هذا القرآن بِعِلْمِهِ.
يعنى أنزل الله تعالى هذا القرآن بِعِلْمِهِ فيمن نزل عليه هذا القرآن، وهو الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنه أهل لحمل هذه الأمانة العظيمة

        

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167) 
هذه الآية نزلت في اليهود، فيقول تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعنى الَّذِينَ كَفَرُوا بالرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجحدوا نبوته.
(وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) يعنى وَصَدُّوا غيرهم عَنْ دين اللَّهِ وهو الاسلام، وذلك بإخفاء أو تغيير صفة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكانوا –مثلًا- يقولون أننا نجد في كتبنا أن النبوة لَا تَكُونُ إِلَّا فِي وَلَدِ هَارُونَ، وإن في التوراة أن شرع موسى لا ينسخ .
(قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا) أي ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا عن الحق، واذا كان الضلال بعيد عن الحق فانه يصعب جدًا رجوعهم الى الحق مرة أخري.
لأن الذي يضل غيره يصعب عليه أن يعود هو الى طريق الحق، وهؤلاء اليهود قد ضلوا غيرهم بتغيير صفة الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيكون صعبًا أن يعودوا الى الطريق الحق.
هب أن رجلًا سألك عن طريق، وأنت لا تريد له أن يصل ودللته الى الطريق الخاطئ وأنت معه في هذا الطريق الخاطئ، فهل يمكن أن تترك هذا الطريق الخاطئ وتذهب الى الطريق الصحيح.

        

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169)
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعنى بنبوة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
(وَظَلَمُوا) يعنى وَظَلَمُوا غيرهم بصدهم عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ.
(لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) أي أن الله تعالى لن يغفر لهم يوم القيامة كفرهم بالرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكفرهم بالقرآن العظيم، ولم يشفع لهم أنهم مؤمنون بوجود الله تعالى، أو مؤمنون بالتوارة والانجيل، أو مؤمنون بموسي أو بعيسي أو غير ذلك من أنبياء الله، طالما أنهم غير مؤمنون بالرسول-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبالقرآن العظيم.
(وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ) 
يعنى يوم القيامة لن يكون هناك طريق يسيرون اليه إِلَّا الطَرِيقَ الموصل الى جَهَنَّمَ.
بالرغم من أن الجنة لها سبعة أبواب، يعنى لها سبعة طرق، ولكن يوم القيامة جميع هذا الطرق ستكون مغلقة أمامهم، ولن يكون هناك أمامهم الا طريق واحد وهو طريق جهنم.
فهناك باب الصلاة وهناك باب الصيام وهو باب الريان وباب الصدقة وباب الحج وباب الذكر وباب التوكل وباب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس.
فاذا كان من أهل الصيام مثلًا فيأتي يوم القيامة ويريد أن يدخل الطريق الموصل الى باب الريان، فيجده مغلقًا، فيقول لماذا يا رب أنا كنت من أهل الصيام ؟ فيقال له: أنت كفرت بمحمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فليس أمامك الا طريق واحد وهو طَرِيقَ جَهَنَّمَ.

        

(خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169)
كان يكفي أن يقول (خَالِدِينَ فِيهَا) ولكنه تعالى قال (أَبَدًا) للتأكيد، لأن اليهود يقولون (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً) يعنى العاصي من بنى اسرائيل لن يمكث في النار أكثر من أربعين يومًا، وهي مدة عبادة أسلافهم للعجل.

        

أخبرنا الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث رواه البخاري ومسلم بعد أن يدخل أهل الجنة الجنة، ويدخل أهل النار النار، يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ (والكَبْشٌ الأمْلَحُ: هو الكَبْشٌ الأسْوَدُ الذي يَعْلو رَأْسَهُ بَياضٌ) فَيُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ ، هَذَا الْمَوْتُ ، ثُمَّ يُنَادِي يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، هَذَا الْمَوْتُ ، فَيُذْبَحُ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ ، ثُمَّ قَرَأَ (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ)
وفي رواية لولا أن الموت قد ذبح لمات أهل الجنة من شدة الفرح، ولمات أهل النار من شدة الحزن.

        

 (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ) الخطاب لجميع الناس، والسورة مدنية، فالمخاطب بها كل الناس.
(قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ) وهو محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ) وهو الاسلام 
(فَآَمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ) أي فَآَمِنُوا به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وادخلوا في الاسلام، فهذا خَيْرًا لَكُمْ من الكفر.
(وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ) 
يعنى وإن أبيتم إلا الكفر فان الله تعالى يملك مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، وكل ما في الأرض يسجد لله تعالى ويسبح لله تعالى، والسَّمَوَاتِ ليس فيها موضع اربع أصابع الا وعليه ملكٌ راكعٌ أو ساجد، لا يرفعون رؤوسهمْ الا يوم القيامة، فاذا كان يوم القيامة نظروا إلى وجه الله عز وجل فقالوا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك.

        

 (وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ) 
وإن أبيتم إلا الكفر فان ضرر الكفر نازل بكم أنتم، ولن يضر كفركم الله شيئًا، يقول تعالى في الحديث القدسي الصحيح (يا عبادي ! إِنَّكم لن تبلغوا ضُري فتَضُرُّوني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي ! لو أنَّ أوَّلكم وآخرَكُم ، وإِنسَكُم وجنَّكم ، كانوا على أتقَى قلبِ رجلٍ واحدٍ منكم ما زادَ ذلِكَ فِي مُلْكِي شيئًا ، يا عبادي ! لوْ أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم ، وإِنسَكم وجنَّكم ، كانوا على أفجرِ قلبِ رجلٍ واحدٍ منكم ما نقَصَ ذلكَ مِنْ مُلْكِي شيئًا) 

 

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇