Untitled Document

عدد المشاهدات : 811

الحلقة (322) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تدبر الآية (163) من سورة "النِسَاء "قول الله -تَعَالي- (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَع

تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم
الحلقة (322)
تدبر الآية (163) من سورة "النِسَاء" (ص 104)

        

(إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) 
        

معنى الوحي هو : الاعلام بخفاء، وعُرْفُهُ في الأنبياء أن يكون ذلك الاعلام بواسطة جبريل عليه السلام.
وقد ذكرنا في الآيات السابقة أن اليهود طلبوا من الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يَنْزِّلَ عليه القرآن مكتوبًا من السماء، كما نزلت التوراة على موسي -عَلَيْهِ السَّلَام- مكتوبة من السماء، يقول تعالى (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السماء) فرد الله عليهم في هذه الآية فقال تعالى (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) 
أي أن الوحي قد جاءك يا محمد، بنفس الكيفية التي جاءت إِلَى نُوحٍ -عَلَيْهِ السَّلَام- والى جميع الأنبياء مِنْ بَعْدِ نوح، وهو الوحي عن طريق جبريل -عَلَيْهِ السَّلَام- أما الكيفية التي ينزل بها الكتاب الى النبي فهذا أمر قد يختلف من نبي الى آخر لحكمة عند الله تعالى، ولكن المهم أن الوحي يأتيك كما جاء لجميع الأنبياء، وهو الوحي عن طريق أمين الوحي جبريل -عَلَيْهِ السَّلَام-

        

يقول تعالى (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) ذكر تعالى نوح -عَلَيْهِ السَّلَام- خاصة لأن ذكر نوح -عَلَيْهِ السَّلَام- يحمل معنى التهديد لمن يرفضون رسالة السماء، لأن الله تعالى أغرق قوم نوح وأهلكهم حين رفضوا رسالة السماء.
ثم ذكر تعالى اسماء بعض الأنبياء، فقال تعالى 
(وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ) وكرر الله تعالى كلمة (وَأَوْحَيْنَا) لأن هناك فترة زمنية طويلة بين نوح وابراهيم، حوالى ألف سنة.
(وَإِسْمَاعِيلَ) وهو الابن الأكبر لإبراهيم، وهو الذي فداه الله بذبح عظيم 
(وَإِسْحَاقَ) وهو الابن الأصغر لإبراهيم
(وَيَعْقُوبَ) وهو ابن اسحق، ولقبه "اسرائيل" وهو في لغتهم يعنى "عبد الله" ولذلك نقول على ذريته "بنى اسرائيل" يعنى أبناء يعقوب -عَلَيْهِ السَّلَام- ولذلك حين يتكرر النداء من الله تعالى في القرآن العظيم، ويقول (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) يعنى يا ابناء النبي الصالح يَعْقُوبَ، يعنى ما كان يصح أن يصدر منكم كذا وكذا وأنتم أبناء ومن سلاسة النبي الصالح يَعْقُوبَ.
(وَالْأَسْبَاطِ) وهم جميع الأنبياء من بنى اسرائيل.
(وَعِيسَى) عَلَيْهِ السَّلَام، وهو آخر أنبياء بنى اسرائيل. (وَأَيُّوبَ) النَبي المبتلى الصابر 
(وَيُونُسَ) وقد جاء بعد نبي الله سليمان، وأرسله تعالى الى أهل "نينوي" بالعراق، وهو الذي التقمه الحوت، ولقبه "ذا النون" و(نون)  اسم من أسماء الحوت، فيكون المعنى: "صاحب الحوت"
(وَهَارُونَ) أخو موسى
(وَسُلَيْمَانَ) النَبي الملك أحد أربعة ملكوا كل الأرض.
(وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) ودَاوُودَ هو أبو سليمان، وقد كان نبيًا ملكًا كذلك
(زَبُورًا) وقرأت (زُبُورًا) بضم الزاي
والزَبُور لغة هو المكتوب، وهو الكتاب الذي أنزل على داود -عَلَيْهِ السَّلَام- ولم يكن فيه أحكام ولا حلال ولا حرام , وإنما كان فيه حكم ومواعظ وتسابيح وأدعية، وكان داود -عَلَيْهِ السَّلَام- حسن الصوت فكان اذا قرأ الزبور تجتمع إليه الإنس والجن والطير والوحش لحسن صوته.
وكان يطلق عليها "المزامير" وهناك سفر في التوراة يطلق عليه "سفر المزامير" وهو 151 سورة أو يطلق عليها مزمور، والله أعلم بصحتها، لأن اليهود حرفوا كتبهم، فلا نعلم الصدق فيها من الباطل، فمن خالف منه شرع الله فنحن نعلم أنه باطل، أما ما لا يخالف شرع الله فعلمه الى الله.

        

وقد كان يمكن ألا يذكر الله تعالى هؤلاء الأنبياء، لأنه تعالى قال (وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) وكلمة (النَّبِيِّينَ) تشمل كل هؤلاء الأنبياء، ولكن الله تعالى ذكر هؤلاء الأنبياء خاصة: تكرمة وتشريفًا لهم من باب ذكر الخاص بعد العام.
وأيضًا لأن ذكر كل نبي يذكر المتلقي للقرآن بأمر أختص به وأشتهر به هذا النبي حتى أصبح هو القدوة فيه.
فحين يذكر تعالى نبي الله (عِيسَى) فانه يذكر الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كيف كان اليهود يسألون عيسي -عَلَيْهِ السَّلَام-الكثير من الأسئلة المتعنة، وكيف تعامل عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَام-مع تعنتهم وعنادهم، لأن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واجه –كذلك- الكثير من الأسئلة المتعنة من كفار قريش ومن اليهود وغيرهم. 
ثم يقول تعالى (وَأَيُّوبَ) النَبي المبتلى الصابر، والذي يضرب به المثل في الصبر على المرض وغيره من أحداث الحياة المؤلمة، واسم أَيُّوبَ من الإياب والتوبة والعودة الى الله -تَعَالي- 
(وَيُونُسَ) وهو الذي لم ينس ذكر الله تعالى، وهو في بطن الحوت، والذي كانت نجاته في ذكر الله
(وَهَارُونَ) أخو موسى، والذي حين يأتي ذكره، تتذكر كثرة العبادة، وتتذكر الحلم ولين الجانب، وتتذكر حين أخذ موسي يجره من راسه ولحيته، فقال له في رفق (يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِى وَلَا بِرَأْسِىٓ ۖ إِنِّى خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِى) 
(وَسُلَيْمَانَ) النَبي الملك، والذي آتاه الله من الملك ما لم يؤت أحدًا من بعده، فلم يشغله هذا الملك العريض عن الله تعالى و(دَاوُودَ) وقد كان نبيًا ملكًا كذلك، فلم يشغله ملكه عن عبادته، بل كان صوامًا قوامًا، فكان يطيل قيام الليل، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا، وكان يأكل من عمل يده
اذن مجرد سماع اسم نبي من هؤلاء الأنبياء، انه يستدعي الى القلب معنى أختص وعرف به هذا النبي 

        

اذن هذه الآية الكريمة  تحمل الكثير من المعاني، فهي أولًا رد على اليهود حين طلبوا أن ينزل القرآن بنفس الكيفية التي نزلت بها التوراة، فقال تعالى أن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأتيه الوحي كما جاء لجميع الأنبياء من قلبه.
وأختص الله تعالى نوح بالذكر تهديدًا وتخويفًا لمن يرفض رسالة السماء.
وذكر الله تعالى بعض الأنبياء تكرمة وتشريفًا لهم، وأيضًا ذكر هؤلاء الأنبياء تذكيرًا بما عرف واشتهر به هذا النبي من فضائل الصفات أو الأعمال.

       

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇