Untitled Document

عدد المشاهدات : 758

الحلقة (316) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تدبر الآية (153) من سورة "النِسَاء" قول الله -تَعَالي- (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَه

تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم
الحلقة (316)
تدبر الآية (153) من سورة "النِسَاء "(ص 102)

        

(يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153)
        

هذه الآية نزلت فِي اليهود وذلك أن جماعة من اليهود، منهم: كَعْب بن الأشرف، وفنحاص بن عازوراء، جائوا الى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقالوا له إن كُنْت صادقًا بأنك رسول من عند الله أفنزل علينا كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ، مكتوبًا بخط سماوي يشهد بأنك رسول الله ويأمرنا باتباعك.
ذلك أن موسي –عليه السلام- نزلت عليه التوارة دفعة واحدة مكتوبة في السماء في ألواح، أما الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكان يأتيه الوحي، ثم يقرأه على أصحابه، و يمليه على أحد كتبة الوحي فيكتبه، فطلب هؤلاء اليهود أن ينزل  القرآن كما نزلت التوراة على موسي –عليه السلام- في ألواح مكتوبة في السماء.
وهذا امر مردود عليه لأن التوراة نزلت من السماء مكتوبة وفيها الأمر باتباع الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
وقيل أنهم سألوا الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن ينزل هذا الأمر من السماء بأسماء أحبارهم ورؤسائهم، يعنى كتاب مكتوب فيه: من الله تعالى الى كعب بن الأشرف اتبع محمد فانه رسولى، وكتاب آخر من الله تعالى الى فنحاص بن عازوراء اتبع محمد فانه رسول، ولذلك قال تعالى (أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا)
وكل هذا من التعنت والعناد والتحكم في طلب الآيات، والله تعالى لا ينزل الآيات على اقتراح العباد.

        

يقول تعالى (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ) يعنى لا يكبر عليك، ولا يعظم عليك يا محمد مسألتهم أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ، فَقَدْ سأل أسلافهم مُوسَى أَعْظَمَ مِمَّا سَأَلُوكَ.
        

(فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً) 
وقرأت (أَرْنَا) بسكون الراء وهي لهجة من لهجات العرب.
كانت العرب تقول جهر الشئ يعنى كشفه
والمعنى أنهم طلبوا من موسي أن يروا الله عيانًا، وأن ينظروا اليه.
والذين طلبوا ذلك هم السبعون الذين اختارهم موسي، لحضور المناجاة، وهؤلاء السبعون كانوا هم خيارهم 
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَتَأَوَّلُ هذه الآية ويقول‏:‏ أَنَّ سُؤَالَهُمْ مُوسَى كَانَ جَهْرَةً‏ ، أي أنهم جهروا بذلك القول وصرحوا به.

        

(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) أي فَأَخَذَتْ الصَّاعِقَةُ هؤلاء السبعون الذين طلبوا أن يروا الله جَهْرَة.
ومعنى (الصَّاعِقَةُ) أي الموت، أو أنهم صعقوا عندما طلبوا ذلك، وقيل أنها نار نزلت عليهم من السماء، ثم أحياهم الله تعالى بعد ذلك، بعد أن تضرع مؤسي الى الله أن يحيهم مرة أخري.
وقوله تعالى (بِظُلْمِهِمْ)  أي بِسبب ظُلْمِهِمْ 

        

(ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ) 
(ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ) أي ثُمَّ عبدوا العجل بعد أن ذهب موسي لميقات ربه 
(مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ) أي أن ذلك الكفر كان منهم بَعْدِمَا رأوا الآيات الواضحة، مثل معجزة شق البحر، وغرق فرعون، وتظليل الغمام، وانزال المن والسلوي، وخروج الماء من الحجر، وغير ذلك 
(فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ) أي فعفي الله تعالى عن عبادتهم العجل، فلم يستأصلهم ويميتهم على الكفر.
وقصة عبادة بنى اسرائيل للعجل ذكرت في وسرة البقرة وغيرها وذكرت مفصلة في سورة طه


        

(وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا) وَآتَيْنَا مُوسَى حُجَّةً تُبَيِّنُ صِدْقِهِ، وهِيَ‏ المعجزات الواضحة.‏
قال ابن عباس‏:‏ هي اليد والعصا‏.
‏ وقال غيره‏:‏ الآيات التسع‏.

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇