Untitled Document

عدد المشاهدات : 926

الحلقة (306) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تدبر الآية (128) من سورة "النِسَاء" قول الله -تَعَالي- وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِ

تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم
الحلقة (306)
تدبر الآية (128) من سورة "النِسَاء"

❇        

وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128) 
❇        

تبين هذه الآية، كيف تتصرف المرأة اذا شعرت أن زوجها، ابتدي ينفر منها، مش عاوزها، يفكر يطلقها.
يقول تعالى
(وَإِنِ امرأة خَافَتْ مِن بَعْلِهَا) مِن بَعْلِهَا أي مِن زوجها، والبعل في لغة العرب هو السيد.
(نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً) النشوز هو الترفع والإستعلاء، ومنه الأرض الناشز أي المرتفعة، والنغمة الناشز.
والمعنى: لو شعرت المرأة بنفور زوجها منها واعراضه عنها.
وكلمة (خَافَتْ) يعنى هذا النفور لم يقع، ولكن هيه حاسة انهم داخلين عليه، داخلين على مرحلة انه مش عاوزها، أنه عاوز ينفصل عنها.
كأن الآية بتقول للزوجة لا تنتظر حتى يقع هذا النفور، حلى المشكلة قبل أن تقع، لو تصديتى للمشكلة وحلتيها قبل أن تقع، حيكون أسهل من الانتظار حتى تقع المشكلة.
كيف تتصرف ؟ 
 
(فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) أي لا اثم ولا حرج عَلَيْهِمَا.
(أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا) الضمير هنا ليس عائدًا على طرف ثالث، ولكنه عائدًا على الرجل وزوجته، ولذلك هناك قراءة (أَنْ يَصَّالِحَا بَيْنَهُمَا) بتشديد الصاد، أصلها (يَتَصَالَحَا) ثُمَّ أُدْغِمَتِ ‏"‏التَّاءُ‏"‏ فِي ‏"‏الصَّادِ‏"‏، فقرأت (يَصَّالِحَا)
يقول تعالى (أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا) وقوله تعالى (صُلْحًا) يعنى اي صلح على حسب ما يتفقوا عليه.

❇        

والمعنى أنه لا اثم ولا حرج على المرأة ولا على الزوج، اذا شعرت المرأة بتغير شعور زوجها عليها، أن يتفقان فيما بينهما على صيغة جديدة أو ترتيب جديد لحياتهما الزوجية، تتنازل فيه الزوجة عن بعض حقوقها حتى يستمر هذا الزواج.
مثل أن توافق المرأة أن يتزوج زوجها بزوجة أخري، أو اذا كانت هناك زوجة أخري، وتعلم الزوجة أن زوجها يميل الى هذه الزوجة الأخري، أن تتنازل المرأة عن بعض حقوقها سواء في النفقة أو المبيت، أو غير ذلك من الاتفاقات.
روى ابن جرير عن عائشة أنها قالت في هذه الآية: هذا الرجل يكون له امرأتان، إحداهما قد عجزت أو هي دميمة وهو لا يحبها فتقول: لا تطلقني وأنت في حلٍّ من شأني

❇        

(وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) أي وذلك الصُّلْحُ خَيْرٌ من المفارقة والطلاق.
يقول الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "أبغض الحلال إلى الله الطلاق"
وهذا حدث في بيت الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عندما شعرت السيدة "سودة" بإعراض الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنها، فقالت "يا رسول الله والله ما لي في الرجال حاجة، وإني قد جعلت يومي وليلتي لعائشة حبة رسول الله" فقبل منها الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك.
(وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) قاعدة عامة فالصُّلْحُ خَيْرٌفي كل الأمور.


❇        

(وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ)
أي أن الله –تعالى- جبل النفوس على الشح وهو الحرص والبخل الشديد، ولذلك فالمرأة تبخل بحقوقها على زوجها، سواء في النفقة أو المبيت او غير ذلك
وهذه الجملة المعترضة يخاطب بها الله تعالى المرأة التى أعرض عنها زوجها، ويحثها على التنازل عن بعض حقوقها، في سبيل الحفاظ على حياتها الزوجية وبيتها وأولادها.
ويقول لها أنها اذا رفضت التنازل عن بعض حقوقها في النفقة أو المبيت أو غير ذلك فان ذلك يكون بسبب البخل والحرص الذي جبلت عليه الطبيعة البشرية. 
وصورة هذا ما روى فى سبب نزول هذه الآية الكريمة أنها نزلت فى أمر "رافع بن خديج" وزوجته، أنه تزوج عليها شابة، فكان يفضل الشابة عليها، فرفضت الكبيرة هذا الوضع فطلقها، فلما اقتربت العدة على الانقضاء خيرها بين الفراق أو أن ترجع على أن يفضل الصغيرة عليها، فاختارت أن ترجع اليه، ثم رفضت مرة أخري أن يفضل الصغيرة، فطلقها تطليقة ثانية، فلما اقتربت عدتها خيرها مرة أخري فاختارت أن ترجع.

❇        

وهذه الجملة المعترضة وهي قوله تعالى (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ) تحل الكثير من المشاكل التى أدت الى انهيار كثير من البيوت.
قصة حقيقة: امراة تزوجت رجل ميسور الحال، وكان ينفق على أولاده ببذخ، وكان له منها ثلاثة أبناء، ولكنه كان سيء العشرة، فكان يسبها ويهينها ويضربها، وكانت حياتها معه جحيم لا يطاق كما تقول، ثم قرر أن يتزوج زوجة أخري، فأقامت الدنيا ولم تقعدها بسبب ذلك، وأصرت على الطلاق، فرفض زوجها الطلاق لأنه كان متعلقًا بأولاده، فلجأت الى القضاء، وعندما كان البعض يحاول التدخل يقول لها أنت تقولين أن حياتك معه جحيم، وأنه يهينك ويضربك، فمعنى ذلك أنه اذا تزوج سيخفف عليك هذا الضغط، فلماذا ترفضين زواجه ؟ ومع ذلك أصرت على الطلاق حتى حصلت على الطلاق بحكم محكمة، والذي حدث بعد ذلك أنه أراد الانتقام منها فكان يرفض الانفاق على أبناءه، وعاشت بقية حياتها في شقاء.
هذه القصة هي صورة لقوله تعالى (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ) فهذه المرأة رفضت أن يتزوج زوجها بامرأة أخري، برغم كراهيتها له، وما ذلك الا بسبب ما جبلت عليه النفس المبشرية من الحرص والشح، وكان ذلك سببًا في شقائها بقية حياتها.

❇        

(وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)
هنا الخطاب للرجال حتى لا يعتبر الرجل أن تنازل المرأة عن بعض حقوقها هو الوضع الطبيعي في العلاقة بين الرجل وزوجته.
فقال تعالى (وَإِنْ تُحْسِنُوا) الى نسائكم (وَتَتَّقُوا الله) فيهن، فَإِنَّ اللَّهَ تعالى خَبِير بأعمالكم وسيجازيكم عليها.

 

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇